اللواء مروان مصطفى يكتب : تقديرات واقعيه لاحداث الحرب
لقد كانت أحداث الفتره الماضيه من حرب غزه مليئة بالأحداث والتطورات المأساوية التي شغلت الرأي العام العربي والعالمي كله وتباينت الآراء والتحليلات وتناقضت حولها .. ولقد رأيت أن أعرض علي حضراتكم رصدا ً موضوعياً ، وتحليلا ًواقعياً لمواقف وتصرفات أﻻطراف الرئيسية في الصراع لبيان ما حققوه من نجاح أو فشل خلال هذه الفترة .
حكومه الاحتلال الاسرائيلي
أثبتت أحداث ال50 يوماً الماضية اننا امام حكومة ارهابيه منهارة ومتفككة .. لم تحقق أي هدف من أهدافها التي تورطت في اعلانها سواء باسترجاع أسراها أو القضاء على حماس وقيادتها …ولتعويض فشلها الذريع قامت باستخدام اشرس اساليب الإبادة والتدمير، والقصف الوحشي للشعب الاعزل بدلاً من مواجهة مقاتلي حماس في حرب بريه مباشره .
وقد اثبتت الأحداث ان هذه الحكومة لا تملك أي رؤيه استراتيجية ..حاليه أو مستقبلية وهو ما كان مثارا ً لانتقادات واسعة من امريكا وحلفائها الغربيين، وهي تحاول استفزاز أطراف اقليميه للتدخل العسكري في الصراع لتدويله أو تطويله في محاولات مكشوفه للتهرب من المحاكمات والعقوبات المتوقعة .
اسطوره الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر
بكل تأكيد .. لقد هزم الجيش الاسرائيلي هزيمه نكراء وتحطمت اسطوره في فضيحه مدوية شهدها العالم أجمع .. واكتشف العالم مدى خوفه وخشيته من المواجهة البريه المباشرة مع مقاتلي حماس.. واستعوض عنها كعادته دوماً بإظهار عضلاته وقوته وجبروته علي النساء والأطفال والمدنيين من الشعب الأعزل … ويرجع ذلك لضعف ثقه الجندي الاسرائيلي في نفسه وفي قادته وفي سلاحه … بالاضافه لضعف العقيدة العسكرية للجندي الاسرائيلي التي أدت الي انسحاب وهروب فصائل عسكريه كامله مع قيادتها من ساحه المعركه مما يعكس ضعف عقيدة الجنود وخوفهم من مواجهه المقاتل الحمساوي الذي أثبت شجاعته وبسالته في الدفاع عن ارضه .
وفيما يتعلق بمنظمة حماس
كان هناك تساؤلات واختلافات كثيره حول ما قامت به حماس والاسباب والأهداف الحقيقية لهذه الحرب ، وهل كان قرارا حمساوياً منفرداً ، أم كان تحريضاً ايرانياً وماهيه حسابات المكسب والخسارة لتلك الحرب ، ومن يتحمل مسؤولية الدمار الشامل والاعداد الهائلة للشهداء والمصابين والمفقودين من الشعب الأعزل الذي لم يجد من يحميه أو يأويه او يدافع عنه وترك وحيداً في الساحة ليدفع الثمن الفادح لتلك الحرية.
ولكن دعونا مؤقتاً ان نصرف النظر عن التطرق لمثل هذه الأمور التي لم يحن الوقت لنقاشها ونقوم برصد موضوعي لبعض النجاحات الحقيقيه التي حققتها حماس التي سيذكرها التاريخ دائماً .
سوف يشهد التاريخ لقوه التنظيم والتدريب والتخطيط والتكتيك العسكري والمهارات القتاليه وبساله المقاوم الفلسطيني الذي حطم اسطوره الجيش الذي لا يقهر.. وسيذكر التاريخ دوماً براعتهم الشديدة في التعامل الاعلامي الذي ادي الي تحول الرأي العام الغربي كله لصالح القضية ..وخصوصاً الرسائل الإنسانية والأخلاقية غير المباشرة التي تضمنتها فيديوهات ومشاهد عمليات تسليم الأسري من (نظرات وابتسامات واحضان وقبلات) افقدت الاسرائيليين صوابهم وعقولهم مما ادي الي قيام الجيش بمنع القيام بأي مظهر للفرح بالقوة العسكرية وتهديد الأسر الفلسطينية بإعادة الاعتقال اذا ما فرحوا بعودة اسراهم .
لقد نجحت مصر في التعامل مع الازمه من بدايتها سواء بتنظيمها المؤتمر الدولي الكبير والذي أعلنت فيه رفضها القوي والحازم لأفكار التهجير القسري لسيناء .. كما كان دورها في اعداد وتنظيم وادخال المساعدات الانسانية والطبية والغذائية محل اشاده دوليه واسعه .. كما لعبت دوراً هاماً مع قطر في التنسيق لعمليات الهدنة الإنسانية ، وتبادل الأسري .
وبالرغم من كل ذلك .. ورغماً عن تحذيراتها الحازمه المتكررة والخط الأحمر الذي وضعته لمحاوﻻت تهجير السكان داخل أو خارج غزه ..وعلي الرغم من التوافق الدولي علي ذلك …الا اني أري ان حكومة الاحتلال ما تزال تمضي وتسعي في ذلك المخطط .. ولاتزال تدفع السكان بكل قوه وتحت القصف الوحشي للجنوب في اتجاه رفح .. وهو ما سيؤدي بالقطع الي تجمع اكثر من مليون فلسطيني وحشرهم في منطقة ضيقة صحراوية غير مأهوله ولا يوجد بها اي مقومات للحياة البشرية أمام المعبر المصري في العراء ومع قسوه الشتاء سيؤدي بالتأكيد الي تعرضهم لظروف ومشاكل ضخمه تثير تعاطفا شعبيا ،وتؤدي الي نداءات انسانيه شعبية ودوليه ، تشكل ضغوطات هائلة علي الدولة المصرية لفرض أمر واقع يجبرها أخلاقيا ًوانسانياً علي فتح المعبر لانقاذ آلاف الفلسطينيين واستيعابهم وايؤاهم ( ولو بصفه مؤقته ) لحين انتهاء الحرب في غزه .
واني علي ثقة تامة .. بأن الرد المصري وقتها سيكون رداً قاسياً وتدخلاً مدمراً ، ومدوياً ..وهو ما لا أتمناه ولا أرغبه .
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب