أحمد فرغلي رضوان يكتب : مرة أخرى.. أم كلثوم صوت مصر و الشرق
“يمكنهم إعادة تشكيل العالم بمجرد فتح أفواههم” هذا هو باختصار آراء القائمين على مجلة رولينج ستون العالمية المتخصصة في مجال الموسيقى عن قائمة اختياراتها لأفضل 200 مطرب ومطربة حول العالم عبر كل العصور الماضية وهي القائمة التي نشرت مطلع هذا العام وكانت المفاجأة أنها ضمت صوت عربي وحيد ؟
من غيرها إنها كوكب الشرق ” أم كلثوم ” والتي جاءت وسط كوكبة من المطربين العالميين من جميع أنحاء الكرة الأرضية، أعتبرتهم المجلة هم الأعظم عبر كل العصور.
تذكرت ذلك بمناسبة الاشتباك القائم طوال العام بين معجبين عدد من المطربات على من تستحق لقب مطربة مصر ! بالطبع الأصوات التي يدور حولها هذا الاشتباك سواء أنغام أو شيرين أو أمال ماهر الثلاثة لا خلاف على موهبتهم الكبيرة ولكن سنجد هناك تأثيرات ما سلبية في مشوار هؤلاء على رأسهم المثيرة للجدل شيرين و بالطبع هي الأكثر وقوعا في مشكلات خاصة وكما يقال بيدها لا بيد أحدا أخر هي المسؤولة عما وقعت فيه من مشكلات وهو ما عرضها لكثير من الانتقاد و فترات اختفاء وتراجع فني و مثلها أمال ماهر مشكلاتها الشخصية أيضا عطلتها هي الأخرى لسنوات ولا تزال تعاني حتى هذه اللحظة ! ولذلك مشروعهم الفني غير مستقر وربما فقدوا الشغف ! وممكن القول أن انغام الأكثر استقرارا وحضورا مع قليل من العوامل السلبية سريعا ما تداركتها بذكاء وقوة ، بالطبع لا يزال مشوار هؤلاء ممتد، و هنا أقول الفنان هو من يختار طريقه كيف سيكون.
لا يمكن مقارنة المشوار الغنائي لأي مطربة منهن بكوكب الشرق أم كلثوم ولذلك التاريخ دائما في صالحها والتي اسهاماتها في تاريخ الموسيقى المصرية والعربية لا تقدر بثمن ولا يوجد لها مثيل حتى الأن ، أم كلثوم كانت حكاية كبيرة لطفلة جاءت من قرية صغيرة نجحت في تعليم نفسها لتصل لدرجة كبيرة من الثقافة و الوعي حيث كونت شخصيتها الفريدة التي كسبت احترام وتقدير الجميع ، الموهبة والصوت الحلو وحدهما لا يكفيان لصناعة الفنان و ممكن النظر لها أنها كانت صاحبة مشروع فني ناجح خلال نصف قرن حيث أدارت موهبتها بشكل نادر و باختيار أصدقاء ساعدوها بإخلاص على الصعود ونجحت في تقديم كتالوج نادر ومتنوع حتى الآن يستمع إليه الجميع .
في جميع الحالات ، كان أكثر ما يهمنا هو الأصالة والتأثير وعمق كتالوج الفنان واتساع تراثهم الموسيقي، إنهم مطربين شكلوا التاريخ ، هكذا قالت المجلة عن حيثيات اختيار هؤلاء المطربين .
المجلة قالت أيضا عن أم كلثوم أنها “ليس لها نظير حقيقي بين المطربين في الغرب، لعقود من الزمان مثلت النجمة المصرية ، وإلى حد ما روح العالم العربي، كانت أم كلثوم تعيش في قلوب ملايين الناس حول العالم، كذلك تم التطرق لاشادة نجوم عالميين بها مثل بوب ديلان والذي وصفها بأنها مطربة “عظيمة ” و روبرت بلانت الذي قال ” لقد أحدث شخص ما ثقبًا في جدار فهمي للغناء، عندما سمعتها لأول مرة تغني وتنتقل بسهولة عبر المقامات “.
تاريخ أم كلثوم لم يقتصر على الموسيقى والغناء بل لعبت دورا هاما في الدعاية الوطنية لمصر أثناء فترات الحرب حينما ذهبت في جولات عالمية لجمع تبرعات للمجهود الحربي ودعمها المعنوي اللا محدود عبر حكايات كثيرة أشهرها عندما غنت للجنود المحاصرين في الفالوجا أثناء حرب ١٩٤٨ “أنا في انتظارك” وعندما عادوا للوطن دعتهم جميعا لمنزلها لتحتفي بهم وكان بينهم الضابط جمال عبدالناصر .
كان من السعادة الشخصية أن أجد أسم أم كلثوم ضمن قائمة المطربين العالميين الأفضل عبر التاريخ في هذا التصنيف للمجلة العالمية وهي الصوت العربي الوحيد الذي كان ضمن تصنيف المجلة والذي شمل 200 من أسماء المطربين العالميين.
بعد أكثر من أربعة عقود على وفاتها ، لا تزال أم كلثوم محبوبة في العالم العربي سرعان ما تم التعرف على صوت أم كلثوم على أنه صوت فريد وقوي ونابض بالحياة ويمكن التعرف عليه على الفور.
و تبقى أم كلثوم بشهادة العالم أجمع هي العنوان الكبير للغناء المصري والعربي عبر العصور .