مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : الحكومة الجديدة والأمل في التغيير

0:00

نادينا جميعا ومنذ شهور طويلة برحيل حكومة الدكتور مصطفى مدبولي ولم يكن هذا النداء الذي صدر من المتخصصين وغير المتخصصين سوى رغبة صادقة وحقيقية في التغيير وأملا في رؤية نهضة وتنمية واقعية في حياة ومعيشة المواطن أو حتى توقف سنين المعاناة وضياع العمر في رحلة البحث عن الخبز والزيت والسكر ومتطلبات المعيشة والحياة وكأنه قد كتب على المواطن في مصر أن يعيش ويموت مجاهدا في الأسواق ومصارعا في حلبات التجار والأطباء والدروس الخصوصية والطعام والشراب بل ووصلت المطالبة برحيل الحكومة إلى رجل الشارع العادي وأما عن المتخصصين في الشأن الاقتصادي والمالي والحكومي فقد استندوا إلى ارقام وحقائق مالية منها ارتفاع حجم الدين الخارجي والزيادة الضخمة في الديون المحلية ووجود العجز الكبير في أرقام الموازنة وارتفاع سقف الاستدانة حتى وصل إلى حدود وأرقام خطيرة وزيادة الضرائب وارتفاع معدل الفقر خلال السنوات الأخيرة من وجود الحكومة وزيادة أقساط وفوائد الديون الخارجية والكارثة الكبيرة وهي وقوع الحكومة في كمين صندوق النقد الدولي والاستسلام التام لكل شروطه ومتطلباته حتى وإن كانت هذه الشروط ضد مصالح المواطن وتمثل عبئا معيشيا كبيرا ومؤلما عليه بالإضافة إلى عدم وجود خطة حكومية محددة وواضحة الأهداف لتقليل فجوات الديون والقروض ووجود إصلاح اقتصادي حقيقي وواقعي يشعر به المواطن وينعكس على حياته اليومية والمعيشة وأما رجل الشارع والمواطن المصري الذي أصبحت حياته المعيشية واليومية تنحصر في مواجهة موجات الغلاء المتزايد يوما بعد يوم ووقوعه في أسر التجار والمحتكرين وانفلات الأسعار في كل متطلبات الحياة بداية من الطعام والشراب مرورا بالدواء والعلاج والكشف الطبي والدروس الخصوصية وحتى دفع الفواتير الحكومية من مياه وكهرباء وانترنت وضرائب عامة وضرائب عقارية وما سوف يستجد من متطلبات الحكومة خلال الفترات والشهور القادمة وكل هذه الضغوط والمتطلبات المالية والتي أثقلت كاهل المواطن وأصبح عاجزا عن ملاحقتها والوفاء بالتزاماتها اليومية والمعيشية وخاصة الفئات المحدودة من أصحاب المعاشات والمرتبات المنخفضة مما أوجد ضغوطا معيشية هائلة على المواطن من أصحاب هذه الفئات ومن في مستواهم وهم يشكلون نسبة كبيرة من مجموع الشعب المصري حتى وقفت هذه الفئات عاجزة عن ملاحقة موجات الغلاء وارتفاع معدل التضخم وعدم مواكبة المرتبات والمعاشات والدخول المحدودة لمتطلبات المعيشة والحياة حتى أن بعض أصحاب المعاشات لا يكاد معاشهم يكفي لشراء أدويتهم الشهرية ويغطي نفقات علاجهم الكبيرة وقس على ذلك الكثير والكثير من قصص المعاناة والتعب من ضغوط ومتطلبات الحياة حتى أصبحت المعاناة والشكوى هي لسان الحال والواقع من يعاني معاناة حقيقية ويعيش تحت وطأة الضغوط والظروف الاقتصادية الصعبة والقاسية ومن يعايش الناس ويقترب منهم ويعيش في خوف شديد من وصول وباء وفيروس الحالة الاقتصادية المتردية إليهم والتي كانت الحكومة سببا في اتشاره بين المواطنين ويحاول بكل ما يملك من جهد وعمل أن يصارع موجات الغلاء ويحصن نفسه منها ولكن الجميع ينام أخر الليل تحت سقف المعاناة والخوف والقلق والكثير من اليأس والإحباط ولم يكد المواطن يتلمس طريقه في أي محاولة للأمل في إصلاح أو تغيير أو حتى تحسن ظروفه المعيشية حتى جاءت منظومة قطع التيار الكهربائي وقضت على هذا الأمل وهو جنين يتكون في رحم المعاناة ولم يتبق أمام المواطن إلا الأمل الضئيل والأخير في تغيير هذه الحكومة بوزرائها ورئيسها والتي ارتبطت معه بالغلاء والديون والقروض وانفلات الأسعار وصندوق النقد الدولي وساعات قطع التيار الكهربائي ولم ترتبط معه إطلاقا بأي مشروع تنموي أو حضاري كبير بقيمة ومكانة الدولة المصرية أو حتى يقترب من طموحات أي إنسان وطني شريف يحب هذه البلد ويتمنى الخير لها أو حتى بعد كل هذه السنوات من عمر الحكومة انتقل المواطن إلى مستويات أفضل من المعيشة والحياة .

وأصبح البحث عن الأمل في تغيير الحكومة هو رجاء المواطن ورباطه الأخير بل أصبح القابض على الأمل في التغيير كالقابض على قطعة من الجمر حتى جاء خبر استقالة الحكومة وتكليف رئيسها الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل الحكومة الجديدة محبطا وغريبا حتى أصيب الجميع بخيبة الأمل وسادت حالة من تساؤلات اليأس والإحباط والعجز عن سبب بقاء الدكتور مصطفى مدبولي وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة مع أنه كان رئيس الحكومة المستقيلة طوال فترة وجودها وتصديها لكل الملفات الاقتصادية والمعيشية وفشلها الكبير حتى في إدارة ملف الأسعار وضبط الأسواق والتصدي لاحتكار التجار وتحكمهم المطلق في الأسواق والأسعار حتى تفاوض الحكومة مع صندوق النقد الدولي لم يسفر سوى عن الانصياع الكامل لكل شروط ومتطلبات الصندوق حتى وصلت الأزمة الاقتصادية إلى ذروتها خلال الشهور الماضية على يد الحكومة المستقيلة ورئيسها إلى حافة الخطر والهاوية وانعدمت معها كل الحلول الاقتصادية المنقذة لدى الحكومة حتى تمت صفقة بيع راس الحكمة بعيدا عن ترتيبات وتوجهات الحكومة ولم يكن للحكومة ورئيسها دور في الصفقة سوى حضور الحفل والتوقيع على عقود البيع والاستثمار فقط

إذا ما الذي قدمه الدكتور مصطفى مدبولي من إنجازات ضخمة وكبيرة ومؤثرة في مسيرة الاقتصاد والتنمية وتغيير حياة المواطن إلى الأفضل خلال فترة ترأسه للحكومة حتى يظل رئيسا للحكومة القادمة هل هو صاحب تجربة اقتصادية وتنموية غير مسبوقة مثل الدكتور محمد يونس الذي أسس بنك الفقراء في بنجلاديش وغير من حياة وواقع الناس هناك ورفع مستواهم الاقتصادي والمعيشي وحصل من خلال تطبيق هذه التجربة الاقتصادية الرائعة على جائزة نوبل للسلام.

هل أصبح محمد يونس ملهما للدكتور مصطفى مدبولي في استنساخ تجربته وتطبيقها في مصر؟ هل حاول الدكتور مصطفى مدبولي أن يكون صاحب تجربة اقتصادية وتنموية فريدة من نوعها تغير من واقع وحياة المصريين وتكون ملهمة للخارج والداخل؟ مع ملاحظة أن تجربة محمد يونس في بنجلاديش كان رأس مالها الفكر والرغبة الحقيقية في تغيير واقع وحياة الناس هناك وانتشالهم من براثن الفقر والحاجة ونجح في ذلك نجاحا كبيرا

لم يستلهم الدكتور مصطفى مدبولي من تجربة محمد يونس في بنجلاديش ولا من غيره تجاربهم الاقتصادية الفريدة والجديدة وفي المقابل لم يقدم هو تجربته المبهرة والكبيرة والتي تشفع له في وجوده على رأس الحكومة القادمة بل أصبح وجوده يسير على غير رغبة الكثير من الرأي العام ولا يتوافق مع حالة المزاج العام للشعب المصري وهي حالة جديدة وغريبة في عدم التوافق ومراعاة المزاج العام للناس بل أن بقاء الدكتور مصطفى مدبولي على رأس الحكومة القادمة قد يجعل الرغبة الحقيقية والأمل في التغيير يذهب من نفوس الناس إلى غير رجعة وهو مؤشر خطير في حالة عدم التوافق والانسجام بين رغبات الراي العام ومتطلبات المرحلة ويصنع فجوة كبيرة بين المواطن والحكومة وخاصة إذا واجهت الحكومة الجديدة نفس معايير الفشل والصعوبات والأزمات الاقتصادية

زر الذهاب إلى الأعلى