مقالات الرأى

حازم البهواشي يكتب: حتى لا نكرر أخطاء الماضي

0:00

إذا وضعَ الصغيرُ يدَه على موقدٍ مشتعل فإنه لن يُكررَ هذا الخطأَ مرةً أخرى؛ ذلك أن تجربة الألم ستظل ماثلةً أمام عينيه عالقةً في ذهنه، _ إن كان له عقل _!! أما الخطأُ المتعلقُ بالتفكير والسلوك واتخاذِ القرار فإننا عادةً نُكرره، فمن تعوَّدَ التأخرَ عن المواعيدِ مثلًا يُكررُ هذا الأمرَ رغمَ ما يُصيبه من أذى جراء ذلك، ومَن يترك ما عليه من مهامَّ (مثل الطالب في المذاكرة) للَّحظاتِ الأخيرة، فإنه يُكرر الأمرَ رغم العهدِ الذي أخذه على نفسه بعدم التكرار!! ومَن تدوم لديه الانطباعاتُ الأولى في الحُكم على الناس، يتكرر لديه الأمر رغم ما يُمكن أن يَظهرَ له من خطأ هذه الأحكام. لكن متى لا يكرر المرء الخطأ نفسه بعد التجربة؟! إن كان له عقل!! عدم تكرار الخطأ يقتضي قدرةً على التمييز، وإرادةً ورغبةً في التغيير للأفضل.

يعني ذلك أن تغييرَ طريقة تفكيرنا أمرٌ صعب رغم ما يبدو لنا من أخطاءٍ ارتكبناها إلا أننا ندافع دومًا عما نؤمن به، أما مَن يستفيد من تراكم خبراته السابقة فيما هو آت ولا يتمسك بمُعتقداته الحالية، فهذا هو الذي يتعلمُ ويتقدمُ ويُنجز ويَستفيد مما سبق في المواقف الجديدة.

التفكيرُ كثيرًا في إخفاقاتِ الماضي، غالبًا ما يُشعرنا بالإحباط ويجعلنا نستسلم للمألوف، والتفكيرُ في النجاحات يجعلنا نكرر السلوكياتِ الناجحة. وكلما زاد الخطأ زاد التباطؤ في المستقبل خوفًا من تكرار الخطأ، وكلما ابتعدَ عنا الشعورُ بالإحباط فإننا نكون أجدرَ على تصحيح الأخطاء. مع بداية كل أسبوع أو شهر أو عام، ومع كل مناسبة جديدة كالأعياد، وعند العودة من الإجازات، نأمل أن تكون هذه بدايةً جديدة، ناسين أن الأيام تتشابه وأن تفكيرَنا وعملَنا هو الذي يجب أن يختلف. التراجع عن الخطأ ليس عيبًا إلا عند أصحاب العقول الجامدة التي ترى أن الباطل لا يأتيها وأنها ملهمة، والنبي _ صلى الله عليه وسلم _ أخبرنا أن (كلّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ) هذه طبيعة البشر.

إذا كان المرءُ في موقع المسؤولية فإن خطأه يتعدى ضررُه إلى الآخرين، وجمودَ عقلِه يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على مصالحهم، لذا فإن كلَّ تجربةٍ تحتاج إلى تقييمٍ لتعديل المسار، فمَن لا يستطيع التعديلَ لقصورِ عقلٍ أو إرادة، يجب أن يُنحَّى جانبًا، فالوقت يحتاج لأصحاب الطاقة والإرادة الكامنة التي يلجأ الإنسانُ إليها عند الشعور بالخطر فيوظفها للتغلب عليه. الفرق بين الناس كبير والتقييم النفسي والسلوكي وتقييمُ الأداء أصبح له أدواتُه العِلمية ومقاييسُه التي نحتاج إليها خاصةً لمن هم في موقع المسؤولية. وليتذكر كلُّ مسؤول أنه مسؤول وليس الحاكمَ بأمره!! هذه رسالةٌ موجهةٌ للحكومة الجديدة، في التغيير والاختيار، وهي رسالة جديدةٌ قديمة.

زر الذهاب إلى الأعلى