مقالات الرأى

مايسة السلكاوى تكتب: زهور الربيع

0:00

إرتبطت مصر وحضارتها بالزراعة وإبتكر المصرى القديم آلات الزراعة والرى وكانت مصر أول من نظمت الزراعة بمواعيد محددة بعد وضع أساس التقويم الزراعى ، وعلى مر العصور تنوعت المحاصيل الزراعية بإستحداث زراعات جديدة وكان منها الزراعات البستانية التى حققت مصر فيها تقدما هائلا ، فأنشئت جمعية ” فلاحة البساتين” تحت إشراف السلطان حسين كامل 1915م وتعد اقدم جمعية أهلية بمصر ، وكان من أهم انشطتها إقامة أول معرض للزهور فى العالم بإسم زهور الربيع ولا يزال يقام سنويا فى مصر إلى وقتنا هذا .

أختيرت حديقة الأورمان العريقة ذات القيمة التراثية مقرا دائما للمعرض ، وبسبب ما حققه المعرض من نجاحات أصبح تحت إشراف وزارة الزراعة 1934م فأخذ الصفة الرسمية له .

ولأول مرة يقام معرض زهور الربيع ال 91 هذا العام ومن المقرر افتتاحه اليوم ، فى المتحف الزراعى المصرى بالدقى وبالمناسبة هو المتحف الثانى على مستوى العالم بعد متحف بودابست ، وذلك بسبب غلق حديقة الأورمان لتطويرها .

ولأن معرض زهور الربيع كان يعد من المناسبات المهمة ، حرصت الأسرة الحاكمة على إفتتاحة كل عام تأكيدا على ريادة مصر الزراعية فى تلك الفترة ، فكان الملك فؤاد الأول يفتتحه بحضور رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشيوخ ووزراء الدول المفوضين ووكلاء الوزارة ومحافظ العاصمة والشخصيات العامة . كما إفتتحته أيضا فى دوراته المتعددة الأميرات مثل الأميرة فوزية والأميرة فايقة إبنتا الملك فؤاد الأول .

ونعود إلى حديقة “أورمان الجيزة” كما كانت تعرف فبعد زيارة باريس المعروفة والتى قام بها الخديو إسماعيل وإنبهاره بمدى تطور العاصمة الفرنسية ، أراد أن ينقل التجربة إلى القاهرة فاستعان بالمهندس الفرنسى “باريل بى” لتخطيط وتنظيم حديقتى الأزبكية وأورمان الجيزة ، حرص باريل على إختلاف تنسيقهما ، ففى الأورمان نوع فى مستوى إرتفاع الأرض ما بين المرتفعة والمنحدرة والمستوية وشق بها برك مياه ونوع فى أشكال تجمع الأشجار واستخدام الأسمنت فى عمل صخور صناعية تضيف جمالا لشكل الحديقة وتتخلل أرضية الحديقة طرقات ومماشى مزينة بفوانيس تضاء بالغاز مقامة على أعمدة من الحديد . استعان باريل بأنواع جديدة من الأشجار والنباتات لم تكن معروفة بمصر ، وخصص 500 عامل للعناية بالحديقة وريها بالخراطيم تحت إشراف اسطوات أجانب لديهم الخبرة فى رعاية الأنواع النادرة من الأشجار والزهور التى تم جلبها من بلدان متعددة .

أما المتحف الزراعى وقد افتتحه الملك فاروق 1938م وأطلق عليه متحف فؤاد الأول الزراعى ليكون المتحف الثانى فى العالم ، وتعود قصة انشاؤه إلى 1929م فأثناء حضور الملك فؤاد إحدى إحتفالات المجر الرسمية أثار انتباهه قلعة ضخمة فى بودابست فكانت مقرا لأكبر وأول متحف زراعى فى العالم فقرر بعد عودته إنشاء متحف زراعى مصرى .

وفى 1930م انشأ الملك فؤاد المتحف بعد أن وقع إختياره على قصر الأميرة فاطمة بنت الخديو إسماعيل بالدقى وكانت خصصته للجامعة المصرية قبل الإنتهاء من بناء مبنى الجامعة الحالى ، وكان إختياره لذلك القصر لقربه من وزارة الزراعة بالدقى لسهولة التواصل بينهما . ولتصميم المتحف تم الإستعانه بمصمم متحف بودابست الزراعى وأجريت تعديلات معمارية للقصر لتتناسب مع استخدامه كمتحف وخصص القصر للمعروضات النباتية . وفى 1935م أنشئ مبنى جديد على نفس طراز القصر ليضم ثمان متاحف بداخله تروى التطور الزراعى فى مصر وثروتها الحيوانية منذ عصر المصريين القدماء وحتى ذلك العصر , مزودا بقاعات للمحاضرات والمكتبة والسينما .

زر الذهاب إلى الأعلى