مقالات الرأى

مروان مصطفى يكتب : محاكمه القرن .. تعظيم سلام لجنوب افريقيا

0:00

في البدايه لابد ان نشيد بالدور الرائع والموقف العظيم لدوله جنوب افريقيا فيما قامت به بشان رفع دعوى قانونيه امام محكمه العدل الدولية ضد اعمال الإبادة الجماعيه التي تقوم بها اسرائيل ومما لا شك فيه انها كانت الدولة الوحيدة التي واجهت اسرائيل وتصدت لها مباشره منذ بدء الحرب بمنتهى الجرأه والشجاعه ( وهو بالطبع ماسبب حرجاً بالغاً لغالبية الدول العربية والإسلامية ،وحتي الحكومه الفلسطينية نفسها )… وسيشهد التاريخ أنه بالإضافة لذلك الموقف السياسي المشرف.. كانت هناك مواجهة قانونيه أخري أكثر من مشرفه لفريقها القانوني المحترف في ساحه المحكمة
اهم الدفوع القانونية التي قدمتها جنوب أفريقيا
• استنكرت ونددت في البداية بما قامت به حماس في ٧ اكتوبر .. ( لتنفي اتهامات اسرائيل لها بأنها تدافع عن الارهاب باعتبارها الذراع القانوني للمنظمه حماس ) وأكدت انها تقوم بالدفاع عن الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للابادة بأكمله وليس عن منظمة حماس .
• التأكيد علي ان حق الدفاع عن النفس الذي تدعيه اسرائيل له شروط وضوابط قانونية لا يجوز تجاوزها .. ولا يبيح لها ارتكاب قتل المدنيين وابادتهم جماعياً مهما كانت التبريرات.
• كل الوثائق والدلائل والفيديوهات والتسجيلات لتصريحات رئيس حكومة الحرب وأعضاء حكومته وخصوصاً وزير الدفاع وكبار المسئولين الإسرائيليين العلنية ، والاعداد الهائلة للقتلي والمصابين والمفقودين ، وقتل النساء والاطفال حتي حديثي الولادة منهم ..كلها دلائل ومؤشرات علي رغبه اسرائيل ونواياها الأكيدة لإبادة الشعب الفلسطيني والقضاء على مقومات الحياة الانسانية له .
• تم ارفاق الشهادات الرسمية الموثقة من كل المنظمات الدولية والصحة العالمية والأونروا، والتنظيمات الدولية الخاصة بالأطباء والصحفيين ،وحتي شهاده الأمين العام للأمم المتحدة بنفسه واستنكارهم وتنديدهم جميعاً بالأساليب الاسرائيلية التي تتنافى مع كل القوانين الدولية والإنسانية .
• الحصار التام ومنع الغذاء والدواء والمياه والكهرباء والغاز وتدمير المساكن والمستشفيات والمدارس ومباني المنظمات الدولية .بالإضافة للاعتقالات الجماعية واجبار المعتقلين علي خلع ملابسهم وتعصيب أعينهم ونقلهم لأماكن مجهوله بصوره عنصرية ، ومعاناة جسدية ونفسية لا يمكن انكارها .
• الامر يتطلب سرعة قيام المحكمة بإجراء احترازي مؤقت لإيقاف اعمال الابادة للشعب الفلسطيني لحين اصدار حكمها النهائي .. واصدار امر قضائي فوري للحرب والسماح بادخال كافه المساعدات الانسانيه للسكان .

اما الجانب الاسرائيلي فقد اعتمد أساساً علي :

• في البداية طعنت اسرائيل بدفوع شكلية.. وطالبت المحكمة برفض الدعوى لسببين شكليين لقطع الطريق على المحكمة لنظر الدعوى .
السبب الاول : عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.. ولا يحق لها أن تأمر اسرائيل بأية اجراءات مؤقته لحين صدور الحكم (المقصود الامر القضائي بايقاف الحرب ). لأن اصدار مثل هذه الأوامر تمنع وتعيق اسرائيل من حقها فى الدفاع عن شعبها.
السبب الثاني : أن جنوب أفريقيا ليست طرفاً في النزاع.. وان لديها معايير خاصة ومزدوجه في هذا الخصوص ضد اسرائيل.. فأين كانت مما جري في البوسنه والهرسك وما تعرض له الشعب الأوكراني ..ولماذا تحركت هذه المره في مواجهة اسرائيل فقط .

أما باقي دفوعها الموضوعية فكانت :
• انها هي الدولة الأولي التي صادقت علي الاتفاقية الخاصة بالإبادة الجماعية.. بعدما تعرضت لأباده ٦ مليون يهودي، وهي دوله ديمقراطية تلتزم بكافه القوانين الدولية والإنسانية والمعايير الأخلاقية .
• ان جنوب أفريقيا تعمدت وتجاهلت أن حماس الإرهابية هي التي بدأت الحرب وقامت باختراق الحدود وقتل الموطنين العزل وذبحهم واعدامهم ، واغتصبوا النساء وقتلوا الاطفال بوحشية .. وهي التي قامت بمحاولة للإبادة الجماعية لشعب اسرائيل.
• لقد قدمت جنوب أفريقيا صوره مشوهة ومغلوطه عن الواقع الحقيقي ولم تشر الي أن ارهابي حماس يستخدمون السكان المدنيين كدروع بشريه ويتخفون بينهم وفي منازلهم .. وانفاقهم تحت المستشفيات والمدارس ومقار المنظمات الدولية ويطلقون صواريخهم وسط تجمعات السكان .. وهو ما أدي الي زياده حجم الخسائر بالرغم من قيام الجيش الاسرائيلي بالالتزام بقوانين الحرب واتخاذ أقصي ما يمكن لتقليل الخسائر وحماية المدنيين .. وقدموا للمحكمة التعليمات العسكرية الصادرة في هذا الشأن.. وأنهم يقوموا بالتحقيق في أي تجاوزات فرديه قد تحدث .
• جريمة الابادة تتطلب اثبات وجود نية صادقة علي ارتكابها وهو ما لا يتوافر في هذه الحالة ،ولم تقدم جنوب أفريقيا ما يثبت وجود تلك النية ..وهو اتهام لا أساس له ، وان ما صدر من تصريحات لمسئولين إسرائيليين كانت غير مقصودة ونتجت عن التهديدات الشديدة التي تعرضت لها اسرائيل .. وبعضها من غير المسئولين في حكومة الحرب(مثل تصريحات وزير الزراعة).
• تنصلت اسرائيل وانكرت حصارها ومنعها لدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزه .. لأن مصر هي المسئولة عن معبر رفح وهو المنفذ الحدودي الوحيد مع غزه .

ولقد قمت بمتابعة أصداء وتحليلات الخبراء في وسائل الإعلام المختلفة .. والتي دارت اغلبها حول ضعف وهشاشة الحجج والمبررات الاسرائيلية ، وانكارها لوقائع ثابته نسيت أن العالم كله قد شاهدها علي الهواء مباشره ، وتناست ان تصرفاتها الوحشية كانت محل استنكار وتنديد دولي دائم ومن كافه المنظمات الدولية والانسانية .. حتي أمين عام الأمم المتحدة ذاته ، وان الرئيس بايدن كان علي حق عندما طلب من نتنياهو تغيير وزراء حكومته المتطرفة لصالح مستقبل اسرائيل ..
أما الاعلام العبري فقد سارع بتهيئة الرأي العام الاسرائيلي والهجوم بشده علي المحكمة واتهامها بمعاده السامية ، واختيار القضاة بمعرفه الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي التي تكره اسرائيل وتعاديها ..وهو ما دعا المانيا أيضاً للدخول علي نفس الخط واعلانها بغرابة شديدة عن تأييدها لموقف اسرائيل في المحاكمة ..في محاوله مكشوفه للتأثير علي قضاة المحكمة.

وخلاصة الأمر أنه أيا ما كان قرار المحكمة فهي هزيمة أخرى نكراء لاسرائيل فقدت فيها هيبتها واحترامها ، وأوهام غرورها وزيف إنسانيتها وأخلاقيات جيشها .

براااافو .. جنوب افريقيا !!

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى