مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: كيف نهتم بلغتنا العربية؟

تحتفل الأمم المتحدة فى 18 ديسمبر من كل عام باليوم العالمى للغة العربية, بينما- للأسف- علينا أن نعترف بإهمالنا للغتنا الجميلة, ووجود تراجع بصورة دائمة فى الاهتمام بتدريسها للأجيال لمقبلة, وتفضيل اللغات الأجنبية فى امدارس الخاصة والدولية.
ويعتب البعض على مجمع اللغة العربية فى تأخره فى تصدير لغة عربية بسيطة وسليمة لاهى لغة علماء النحو ولاهى باللهجات المحلية, ويطالب الكثيرون بتبنى جامعة الدول العربية استرتيجية للحفاظ على اللغة وقيامها بتشجيع التحدث بالفصحى بالتعاون مع المجمعات اللغوية, والعمل على التوصل إلى مفردات لغوية سليمة تناسب العصر يتم تعميمها وتدريسها فى كل الدول العربية.
لقد طالبنا الجامعة بدور أكبر فى المجال الثقافى وإنتاج مسلسلات تليفزيونية وأفلام سينمائية تتحدث بالفصحى التى تفهمها شعوب الدول من المحيط إلى الخليج, بدلا من سيطرة اللهجات المحلية التى تجعل من يعيشون فى الشرق العربى لايفهمون كثيرا مما يتحدث به أهل المغرب العربى.!
ثم أين الندوات الثقافية التى تشرف عليها الجامعة, وتدعو لها الشعراء والأدباء؟, وماهو دورها فى طبع ونشر الكتب الفصحى والروايات والدراسات الاجتماعية باللغة العربية.
والأخطر من كل ذلك أن هناك من يدعى عجز الفصحى عن التطور, وإنها لاتناسب العصر الحديث, ولذلك نراهم يتحدثون بالإنجليزية أو الفرنسية من باب التحضر, ويقومون بإرسال أطفالهم إلى مدارس لاتهتم باللغة العربية, مما يعنى أن أجيالا بعد سنوات لن تجيد اللغة العربية, وإما يتحدثونها بلكنة أجنبية, أو يتحدثون بلغة أخرى, وهى عملية تغريب للمجتمعات العربية, وتحتاج إلى ضرورة إنقاذ اللغة, ووضع استراتيجية لتطويرها والحفاظ عليها.
لن نحافظ على لغتنا الجميلة إذا لم ننتشلها من عمليات التشويه المتعمد الذى نراه فى شوارعنا وفى اللوحات الموضوعة على واجهات المحلات, وفى طريقة نطق الكلمات من بعض الممثلين فى الأفلام والتمثيليات وفى اللافتات والإعلانات.
لاأدرى لماذا يقوم بعض المسئولين العرب بالتحدث باللغات الأجنبية فى المؤتمرات والمحافل الدولية, طالما أن الأمم المتحدة تعترف باللغة العربية وتعتمدها كواحدة من ست لغات فى كل مطبوعاتها, بينما لم نسمع مسئولا أو ضيفا إنجليزيا أو فرنسيا أو روسيا جاء إلى بلادنا وتحدث بالعربية, او ذهب إلى أى مؤتمر دولى وتحدث بلغة أخرى غير لغته الأصلية؟
علينا احترام لغتنا والاهتمام بها وبتدريسها وتشجيع القراءة, والأهم التعامل فى كل المؤتمرات والمعارض والفنادق والمطارات والبنوك باللغة العربية قبل أن تفاجأ الشعوب من المحيط إلى الخليج أنها لاتتحدث بلغة واحدة!
المفكر مصطفى صادق الرافعى أشار إلى أن اللغة تمثل إحدى مظاهر التاريخ ولاتوجد أمة بغير تاريخ, ولذلك فإن الحفاظ على اللغة العربية والهوية التى نتميز بها يفرض التصدى لكل التحديات من خلال وسائل الإعلام والدراما الراقية وإبداعات رموز الفن.
فى حى “المنيرة” القريب من شارع قصر العينى يوجد شارع أسمه”أفراح الأنجال”, وسبب هذين الإسمين أن الخديوى إسماعيل قرر فى شهر ديسمبر سنة 1872 أن يزوج أنجاله الأمراء الأربعة: توفيق وحسين وحسن وفاطمة معا وفى فرح واحد, ولهذا تم تزيين وإنارة الشوارع المحيطة والمؤدية إلى القصر العالى” قصر الوالدة باشا”, أى والدة الخديوى إسماعيل بجاردن سيتى لمدة 40 يوما, ولما رأى الناس هذه المنطقة” منيرة” 40 يوما أطلقو عليها إسم “المنيرة”, أما الشارع الذى أقيمت فيه سرادقات الاحتفال فأطلق عليه شارع”أفراح الأنجال”, وقد أحيا ليالى الفرح تخت المطرب ذائع الصيت عبده الحامولى وجوقة الفناجيلى الدمياطى الشهيرة, وتكلف الحفل الذى كان يشبه ألف ليلة وليلة مليونا ونصف المليون جنيه بأسعار زمان !
فى ديسمبر 1954أجرى الكاتب الصحفى فكرى أباظة رئيس تحرير “المصور” أنذاك حوارا مع جمال عبد الناصر قال فيه:إنه لايصلح دكتاتورا لأنه ديمقراطى بطبعه, ولأن ثورة يوليو ثورة ديمقراطية, وقال:جربنا الدكتاتورية الفردية, والدكتاتورية البرلمانية فكانت الكوارث وكان الفساد.
أيام ونودع عام 2023 ونستقبل عاما جديدا 2024 ندعو الله أن يكون عاما مليئا بالأمل والخير والسعادة والرضا والنجاح للجميع, وأن يبعد عنا فيه كل شر وبلاء ووباء وضيق, وأن يكون بالفعل عاما سعيدا مليئا بالآمال التى تتحقق ونعبر معه ومن خلاله للمستقبل الذى نريد.
قالت لى: نحن بشر مسالمون تجشمنا قسوة الظروف, وتكبدنا الصعاب بحثا عن لقمة العيش, والوصول إلى الأمان, لذا نستحق منكم الاحترام.

زر الذهاب إلى الأعلى