ثقافة وابداع

في إطار فعاليات السفارة الثقافية للدولة.. موعد نقاش عن سلسلة “في قصصهم عبرة”

كتبت - فاطمة شعراوى

نظمت أناسي للإعلام سلسلة من حلقات موعد نقاش بعنوانفي قصصهم عبرة، وذلك في إطار أنشطةوفعاليات السفارة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(الألكسو) التابعة لجامعة الدول العربية ،  تضمنت ست حلقات نقاشية أسبوعية عن حكايات مختارة منسيرة بني هلال، قدمتها الكاتبة سناء أبو هلال، عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردني والإماراتي.

وتعد هذه السلسلة واحدة من فعاليات موعد نقاش الذي أسس في عام 2017 ، والذي تديره الإعلاميةفاطمة النزوري ليواصل أهداف أناسي للإعلام  ومسيرتها ، ويحقق نوعا غير تقليدي من التواصل الفكرييعتمد على التفاعل بين عضوات الموعد عبر مشاركتهن في البحث والنقاش لخلق أجواء معرفية ممتعةتثري العقل والروح معا ، وذلك بمشاركة نخبة من الدكاترة والخبراء المختصين من كافة أرجاء الوطنالعربي.

اشتملت جلسات موعد نقاش على ست حلقات بعناوين مختلفة وكانت الحلقة الأولى بعنوان بانوراما علىجزيرة العرب وسيرة الهلاليين، والحلقة الثانية بعنوان قصة أبو زيد الهلالي في التسامح والبطولة، والحلقةالثالثة بعنوان قيمة الحب عند الأصايل، والحلقة الرابعة بعنوان عندما يكون خصمك بطلا وتتحدث عنهجرة العرب الى الشمال الإفريقي وقصة تغريبة بني هلال، والحلقة الخامسة تتحدث عن بني هلال فيمصر، والحلقة السادسة  بعنوان بطلة من الزمن الماضي وتتحدث عن الجازية الهلالية.  

وقد استهلت الكاتبة سناء أبو هلال حديثها في بداية السلسلة  بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلمإنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ، قائلة : شاء الله أن تكون رسالة نبيه في أرض جزيرة العرب والتي كانسكانها من العرب الذين كان لديهم شيم نبيلة  لذلك أرسل الله نبيه صلى الله عليه وسلم ليكمل الأساسالمتين من الخلق العظيم ويضيف إليها جمالاً ويزيل السيئ منها و يدعوهم لعبادة الله وحده.

وقد وجهت الكاتبة في افتتاحيتها للقصص الشكر للغالية الإمارات على الاستضافة وعلى تبنيها هذهالجماليات  لوضع الموروثات النبيلة على طاولة النقاش ليستمد منها الأجيال العبر الجميلة ويأخذونالخلق الطيب النافع ويبتعدون عن الخلق الذميم.

وبدأت بعرض بانوراما على ما كانت عليه جزيرة العرب قديما قبل الإسلام وبعده (حدودها قديمًا، وطبيعةالأرض، وأهلها ومساكنهم ومهنهم وحياتهم الاجتماعية وأخلاقهم الأصيلة) مدعمة العرض بأبيات منالشعر حول أخلاقيات وشهامة البدوي في كل الأزمان رغم قسوة العيش.

ثم سردت تاريخ بني هلال في سيرتهم الأولى وقصة الجد الأول للهلاليين هلال بن عامر وابنه المنذروأولاده ، وروت قصص لأبي زيد الهلالي، وذكرت أن رواة السير الشعبية  بالغوا في قدرات أبي زيدالهلالي حتى صار من الأبطال الخارقين واختارت أجمل قصصه في التسامح والكرم والوفاء بالعهدوالدفاع عن المظلوم وحكايات أخرى تثبت حنكته وفروسيته ، وذكرت سبب إطلاق الأمثال الشعبية حولهمثل:  (كأنك يا أبو زيد ما غزيت)، والمثل الشعبي: (سكة أبو زيد كلها مسالك).

كما روت الكاتبة أبو هلال قصة حب جميلة من الموروث الشعبي بعنوانقيمة الحب في زمن الأصايلوتحمل قصة الأمير مغامس وشاة الريم وكيف أن أبا زيد الهلالي أعاد الحق لمغامس وقالت: إن أجيالنااليوم بحاجة ماسة لمعرفة قيمة الحب سواء بين زوجين أو أخوين فالحب مطلوب للعيش بأمان ولا يقتصرالحب فقط على فئات محددة بل يشمل حب الوطن والعباد  وحب العمل حتى يشمل عمال الوطن من شتىفئاتهم وحب الوالدين وحب الجد والجدة بركة البيت وأكثر الناس موروثا للقصص والحكايا .

وعرجت أبو هلال على معاني بعض الأسماء القديمة كمغامس وشاة الريم وغيرها من المعاني المستخدمةقديما، وختمت القصة بضرورة إدخال مثل هذه القصص المختارة للمناهج في الجامعات والمدارس بشكلمدروس يستبعد فيها ما لا يطابق العقل والواقع ويثبت فيها ما ينفع الطالب لينفع نفسه وبلده .

وتطرقت لعرض  محطات رحلة انتقال الهلاليين إلى المغرب العربي، والتي سماها ابن خلدون هجرة العربإلى شمال إفريقيا، وحروبهم مع الزناتى خليفة والذي يذكره التاريخ بأنه هو المعز بن باديس حاكمقرطاجة ، وذكر في كتاب الذهبي بأنه رجل دافع عن أهل السنة وعن المذهب المالكي، والرواية الشعبية لاتذكر هذا الكلام بل تكتفي بذكر ما دار بينهم من حروب والتي تؤدي في النهاية إلى مقتل الزناتي خليفةعلى يد ذياب بن غانم مشيرة إلى أن الرواية التاريخية تقول أن المعز بن باديس مات بمرض وأنه رحل إلىالمهدية وأقام فيها حتى وفاته. وذكرت الآثار الايجابية لهجرة العرب أو تغريبة بني هلال، وهو تعريبالشمال الأفريقي من الأمازيغي إلى العربية ، ودعمت الحديث بآيات قرآنية عن وجوب الرحمة بين الناسوالابتعاد عن عادة الثأر التي حرمها الإسلام .

هذا وقد ذكرت النتائج الايجابية والسلبية لوجود بني هلال في مصر، وسردت كيف استقبلهم  الصعيدالمصري الذي عاشوا فيه هناك فترة من الزمن، كما تحدثت عن أسباب انتشار السيرة الهلالية في مصروكثرة المنشدين،  وعرضت نموذجين الأول للشاعر جابر ابو حسين وسيد الضوي، الذي كان يحفظها كلها واستخدامه للموال المربع في سرد السيرة رحمه الله، وقد شارك عبد الرحمن الابنودى فى برنامج إذاعييحكي السيرة الهلالية، وقد كتب الأبنودي ما جمعه من أفواه الرواة  في كتابة السيرة الهلالية ولقداستغرق ذلك عشرين عامًا رحمه الله.

كما ذكرت أبوهلال وجود الكثيرين من الشعراء الجدد  مثالا لناجح عمارة  وقد رواها بالموال السبعاويوعرضت مثالا من شعر رواة السيرة المصريين  أمام الحضور.

 وأوضحت أن من أهم المعالم التي تثبت الوجود الهلالي في مصر جامع السلطان حسن الهلالي وثمنتدور مصر في معظم العصور باعتبارها أرض الأمان منذ العهود القديمة وذكرت أن مصر ذكرت فيالقرآن الكريم خمس مرات.

واختتمت جلسات موعد نقاش بقصة بطلة من أبطال السيرة الهلالية وهي الجازية الهلالية والتي كانتتدعى نور باق وهي ابنة السلطان سرحان الهلالي واخت حسن الهلالي وزوجها شكر الهاشمي ولديهاابن اسمه محمد، وقالت  الكاتبة عنها: السيرة ذكرت أنها كانت امرأة قوية وحكيمة واعطاها أبوها ثلثالمشورة لحكمتها في أمور كثيرة وقد كانت عاشقة لقومها  لدرجة أنها تركت زوجها وابنها وغادرت معقومها وصاحبتهم إلى أن توفيت وقبرها موجود في الجزائر في أم البواقي، والجدير بالذكر أن المرأة فيبني هلال كان لها دور أساسي في مختلف مراحل الحياة .

حثت الكاتبة على الاهتمام بالمرأة لأنها تصنع أجيالا فاعلة في مجتمعها وهي الركيزة الأساسية فيالمجتمع سواء كانت أما، أم جدة ، بنتا،  أو أختا، عمة، أو خالة، وأننا بحاجة اليوم للتعلم مما مضى نأخذالنافع ونترك الضار نطبق الموروث الجيد وننبذ الموروث السيء، نجلس على سجادة الحكايا لنعيد للأسرةلمتها وشملها الذي فرقته الأجهزة الذكية والألعاب الإلكترونية وأزمات العصر..

قرأت أبو هلال في معظم حلقات موعد نقاش  شعرا من السيرة الهلالية ، وألقت قصائد نثرية جميلة منشعرها يلخص فيها الأحداث ويبث فيها العبر المستفادة والقيم الأصيلة الموروثة .

وقد طالب الحضور بعرض المزيد من القصص التاريخية العربية والاسلامية لشغف الحضور بالمحتوىالذي يتحدث عن القيم النبيلة .

وذكرت الكاتبة وسائل المحافظة على أخلاق العرب الأصيلة في ظل التطور والحداثة موجهة  كلمة شكرلكل عربي حافظ على أخلاق البدوي الأصيل إلى يومنا هذا، مؤكدة على أنه مهما  تعددت وسائلالتكنولوجيا الحديثة وميل الأجيال لها إلا أن العربي الأصيل يعشق القصة ذات العبرة من تراثه العربيوالإسلامي  يسمعها في جلسة يسودها الحب ليصفو فكره ويلين قلبه ويتجدد فكره بموروثات الماضيالتليد فيقوم من فوره بعد شحن همته للعطاء والعمل وبناء البلاد والأوطان وفعل الخيرات والتوكل على اللهوحب الحياة مهما كانت الأزمات.

كما دعت الأجبال العربية للاستماع إلى هذه القصص واختيار النافع لهم وتعلم الموروث الطيب منه  مثالالتسامح والكرم والمحبة وترك كل ما هو دون ذلك.

وذكرَّت الحضور أنه مهما تعددت السير والحكايا لن نجد أجمل من سرد قصص القرآن الكريم ومهماتعدد العظماء في السير والحكايا لن نجد شخصًا أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونوهت أنهيوجد كذلك قصص رائعة من عصرنا الحالي لأناس يملكون همما عالية كالجبال وصفات طيبة وموروثاتنبيلة من الجميل أن تكتب حكاياتهم قبل موتهم ونعيهم  ليستلهم منها الجميع العبر  وما أكثرهم فيمجتمعنا وأنهم موجودن، ولكن الإعلام لا يعرفهم ويكفيهم فخرا أن الله يعلمهم

زر الذهاب إلى الأعلى