د.عماد عبد البديع يكتب: ( ماذا بعد الهجرة ؟! )
تمر علينا في هذه الأيام ذكرى عطرة لهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة. ونحن نستقبل هذه التسنسمات العطرة ونعيش هذه النفحات الربانية الإيمانية بما تحمله من دروس وعبر لنا نحن المسلمين نتذكر الدروس المستفادة من هذه الحادثة العظيمة في الاسلام ، حملت هذه الهجرة لنا دروسا تعلمناها من قدوتنا سيدنا محمد في التوكل على الله وفي الأخذ بالأسباب وفي حسن التخطيط والثقة بنصر الله ولو خذلك الناس جميعا.
تعلمنا من الهجرة النبوية الشريفة حسن اختيار الصحبة والفرقة الصالحة والاستعانة بأهل العلم والدراية . تعلمنا حب الأوطان والانتماء إليها مهما جفونا الأهل والأقارب تعلمنا منها دروس في الصفح والعفو عند المقدرة وغيرها الكثير والكثير من الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة والتي لا يتسع المقام لذكرها جميعا.
ولكن ماذا بعد هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ؟ وهل الهجرة كانت في وقت النبي صلى الله عليه وسلم فقط ولا يوجد هجرة في عصرنا اليوم؟ لا أخي الكريم يوجد هجرة اليوم وما زالت الهجرة موجودة حتى يومنا ذلك بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح -أي فتح مكة – ولكن جهاد ونية .
إذن الهجرة موجودة في كل وقت وحين وفي كل مكان وزمان، وهي إن لم تكن بالجسد فهي بالنية والعزيمة ، فجهادك للسعي على اولادك هجرة ، وعزيمتك على الصدق في التعامل مع الله ومع نفسك ومع الناس هجرة ، وسلكك لكل شعاب الخير هجرة، اخلاصك في عملك وحبك لوطنك وعملك على ازدهاره ونهضته هجرة…
حبذا لو استلهمنا دروس الهجرة النبوية المطهرة في كل أمور حياتنا، أن نجعل ذكرى هجرته عليه السلام من كل عام هجرة لنا من كل ما يضر إلى كل ما ينفع ، هجرة لنا من كل سلوكياتنا السيئة إلى سلوكيات مفيدة وإيجابية ، أن نهجر كل ما فيه تأخير لنا إلى كل ما فيه تقدم لنا ولأسرنا ولأوطاننا ومجتمعاتنا .