صفوت عباس يكتب: التغريدة .. وكتابه بالدخان علي الهواء
لا اعرف ما كان قصد احد رواد الصحافه المصريه “جلال الدين الحمامصي” عندما سمي عموده الشهير “دخان في الهواء”، لكن اميل الي ان افسره علي ان كل الكتاب ان لم يكن اغلبهم حاليا يطلقون بكتاباتهم دخانا في الهواء مايلبث ان ينتظم حتي ينقشع دون اثر او يحدث بعض السعال لمن يعاني حساسيه بصدره او انفه.
وسائل التواصل اختزلت الرساله الي كلمات قليله موجزه _ولو باخلال_ في تدوينه او بوست وذلك تحت ضغط تلبيه رغبات متلق اعتاد علي السرعه في تمرير شاشه الهاتف يلتقط خلالها نص موجز بسيط لايتجاوز كلمات معدود قلما تفي بالمعني، ويفضل المرئي والمصور عن المكتوب ذلك لطبيعه جديده في المزاج وبالتبعيه الوعي الذي يصنع شكل مايطلبه المتلقي..
لو تم اجراء دراسه بحثيه عن انماط المتلقين للرساله ورغباتهم وميولهم اظن انها ستفرز نتيجه مفادها ان الاغلبيه يفضلون تواصلا يشبه طعام التيك اواي والوجبات الجاهزه ذات الألوان والطعم المبهج وقليل من يبحثون عن رساله مطوله وافيه بمضمون متكامل مفيد _هذه_ اصبحت غير مرغوب فيها.
وعليه ادرك محترفوا الكتابه انهم يطلقون دخانا في الهواء بلا تأثير ومن ثم تحول الناشئون منهم الي تقديم الاشكال الجديده للرساله المختزله في تغريده او بوست او فيديو مسجل او مباشر_ مع تسول الاعجاب بمادتهم ومنصتهم _قد يحقق لهم مشاهدات مربحه لو كان مضمونهم لامعا خفيفا او مثيرا صائدا للمتلقين اما ان كان المضمون جادا يحفز العقل ويستدعي التفكر فان المتلقين سينصرفون عنه الا قليلا، وعليه تحول الكِتاب والمقال الي شكل اليكتروني ودشنت كل الصحف وحتي القنوات التلفيزيونيه من قنوات الاخبار الي التي تهتم بالطعام مواقعا اليكترونيه سعيا وراء ان تكون متاحه للمتلقي الذي انصرف عن الورق الي الشاشه المحموله.
هذا الامر ان استمر ستصبح الكلمه الفاحصه المدققه الشارحه في نصوص مطوله هي وكاتبها ستؤل الي شبه زوال والذي سيؤدي حتما الي تسطيح عقول واتلاف الوعي تحت ضغط استهلاك لمواد فجه بلا عمق او اثر والامر يحتاج بلا شك الي مراجعه لانبات بذور عقل يجيد الانتقاء والفرز لما يتعرض له وربما يكون هذا _ان لم اكن مفرطا في الامل_ يكون عبر صناعه تعليم جيد يعود بالعقول التي طار وعيها ايضا كدخان في الهواء.