مقالات الرأى

حازم عبده يكتب : الرائد أحمد فراج

مرت يوم الأحد الماضي 14 مايو الجاري الذكرى السابعة عشرة لرحيل رائد الإعلام، والإعلام الإسلامي على وجه الخصوص الراحل الأستاذ أحمد فراج، صاحب المدرسة الرائدة في الإعلام المصري المنضبط الذي سار على نهجه كل من أتى بعده، مهتدياً مقتدياً بنموذج فريد من الإعلاميين الذين كانوا قامات تحظى بالاحترام والتقدير لعلمهم ومصداقيتهم واحترامهم لرسالة الإعلام السامية.
شرفت بالاقتراب من الراحل الأستاذ أحمد فراج في سنيه الأخيرة وحتى رحيله، فأسند إلى مسؤولية اللجنة الإعلامية لجائزة شاعر مكة، محمد حسن فقي، والتي كان يتولى هو أمانتها العامة، وهي الجائزة التي أنشأها صديقه أحد رواد الفكر والسياسة والقانون والشريعة والفقه والأدب والشعر والاقتصاد، مؤسس منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك، الراحل أحمد زكي يماني، وزير البترول السعودي، تكريماً لصديقه محمد حسن فقي والذي كان يراه الأغزر إنتاجاً في الشعر العربي بعد ابن الرومي.
عشت مع الأستاذ أحمد فراج في مطبخه الإعلامي والثقافي والفكري رأيت صرامته في التحري عن أية معلومة قبل أن يناقشها أو يطرحها على عالم من العلماء وكيف يعكف على أمهات الكتب والمراجع في مكتبتيه العامرتين الذاخرتين بالمراجع في كل من الجيزة والمنصورية، استعداداً لتسجيل حلقة من حلقات برنامجه نور على نور، رأيته كيف ينتقي ضيوفه وعندما يظهر اسم جديد يظل يتابعه ويقرأ إنتاجه العلمي ويتتبع أساتذته حتى يقرر استضافته من عدمه.
وذات مرة اقترحت عليه استضافة أستاذة تحمل درجة الأستاذية في العقيدة والفلسفة في برنامجه، فرد علي بحسم لقد تابعتها في لقاءاتها، إنها لا تصلح، فهي تخطئ في النحو، فكيف أثق في فهمها، وكيف أقدمها للمشاهد الكريم، وهي ترتكب مثل هذه الأخطاء.
مساء يوم الاثنين الأول من مايو 2006 كان الاتصال التليفوني الأخير بيني وبين الأستاذ أحمد فراج، وقد استمر لأكثر من ساعة ونصف، حيث كنت عائداً لتوي من الجزائر بعد رحلة استمرت على مدى أسبوع في الغرب الجزائري وفي الجائر العاصمة، وقد كان ربطت الأستاذ أحمد فراج علاقة صداقة خاصة بالرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة حتى أنه أطلق اسمه على أحد شوارع الجزائر العاصمة، اتفقنا على لقاء قريب.
لم أكن أدري أن اللقاء سيكون في غرفته في المستشفى فقد داهمته أزمة قلبية في اليوم التالي لاتصالنا، وأدخل العناية المركزة وعندما أفاق طلب أن يراني، ذهبت إليه بمجرد إبلاغي، كم كان مؤلماً أن أجلس معه في غرفته وهو يكاد يوقن بأن النهاية قد أزفت، وأنه مدرك ذلك، ويعرف خطورة الأزمة التي ضربت شريان القلب، لكنه كان كله يقين بالله، وثقة واطمئنان بعلاقته بالله وبالناس و بالرسالة التي أداها في الإعلام والفكر والثقافة.
ظللت أتردد عليه يومياً حتى أسلم الروح إلى بارئها مساء الرابع عشر من مايو 2006، رحمة الله عليك أيها الرائد الكبير صاحب القيم الإنسانية النبيلة، والمبادئ الأخلاقية الراقية في مدرسة الإعلام المصرية والعربية.

زر الذهاب إلى الأعلى