د. سوزان القلينى تكتب : إعلانات “ليست كريمة ” فى شهر “كريم”

اهلا رمضان الشهر الكريم ، شهر الانتصارات والخير ولمة العائلة على موائد الإفطار .
ما أجمل هذه اللمة وهي بطعم رمضاني تتجلي فيه الروحانيات ودفء الأسرة والمودة والرحمة بين الزملاء والأصدقاء وأفراد العائلة الواحدة فهو شهر خاص جدا بكل المقاييس الإنسانية والدينية .
يبدأ رمضان وإعلانات بلا حدود تلاحقك في كل مكان علي شاشات التليفزيون وعلي لوحات الإعلانات في الشوارع وعبر الهواتف المحمولة من خلال سرد القصص الإنسانية واستعراض حالات المرضي والتركيز علي كل ما من شأنه دغدغة المشاعر ليتسارع الناس لدفع التبرعات حتي لو كان بالمتاجرة بالأم المرضي ولو علم المتبرعون ان تكلفة هذه الإعلانات تدفع من إجمالي تبرعاتهم والباقي يذهب الي القائمين علي إداراتها ويبقي الجزء الأقل ليذهب الي مستحقيه لفكروا الف مرة لتحويل هذه التبرعات الي صندوق المقبلين علي الزواج الذي يساهم دخله في رفع العوز عن امرأة تعول أطفال تخلي الزوج عن رعايتهم أو مطلقة طردت من بيتها حاملة أولادها بلا دخل ولا مأوي.
الإعلانات في الشهر الكريم “ليست كريمة” إنما إعلانات تعرف من أين يؤكل الكتف ترشدك وتوجهك الي الغرض المنشود وترفع سقف توقعاتك وأحلامك فهي إما إعلانات عن شقق وفيلات في منتجعات سكنية بالملايين توجهك الي نمط معيشي علي توقعاتهم إما إعلانات تبرعات انتجت بملايين الجنيهات لتدعوك للتبرع ولو بجنيه وبين هذا وذاك لا نعد نعرف هل جميع المواطنين علي هذا القدر من الثراء أم إن الجميع علي هذا القدر من الفقر؟ تناقضات برئ منها الشهر الفضيل.
جاء شهر رمضان هذا العام وجميع الغارمات والغارمين بين أسرهم وفي أحضان عائلتهم بتوجه رئاسي بتسديد مديونيتهم بعد أن كان من المقرر أن يقضوا عدة سنوات بالسجن بسبب دين بمبلغ بسيط لتجهيز أبنائهم للزواج .
إن التبرعات لها وسائل كثيرة في البحث عمن حولنا من العاملين من ذوي الدخول المنخفضة ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية يوجد حولنا الكثيرين ممن لا يستطيعون مواجهة مصاريف الحياة اليومية أو مصاريف تعليم أبنائهم أبحثوا عن مصادر الزكاة في حياتكم اليومية وليس في الإعلانات .
في استطلاع رأي أجرته إحدى القنوات التليفزيونية في شوارع القاهرة اتفقت الأغلبية أنهم لا ينتمون الي عالم الرفاهية الذي يعرض في الإعلانات الرمضانية وأن هذه الإعلانات لا تعكس واقعهم اليومي كما أن من المبالغ فيه أن يكون إعلان باهظ الثمن ويقدمه فنان كبير بثمن مرتفع أيضا ويطلب التبرع ولو بجنيه إن هذا التناقض الكبير بين حياة الفيلات و القصور وبين مشاهد الفقراء والمتضررين قد يكون له تأثير سلبي علي المعترضين للدرجة التي تصل الي مرتبة الإحباط وعدم الرضا بحياتهم وخاصة بين الشباب .
اتقوا الله .. ورمضان كريم
[email protected]