صفوت عباس يكتب: تشويش الوفره.. وصناعه تضليل العقول
اي عقل _هذا_ الذي يتحمل ضغط هذا الكم الهائل من اخبار متناقضه واراء متضاربه ومعلومات مختلفه حتي لو كانت حول موضوع واحد مهما كان وفي اي مجال ويكون هذا عبر تعرض الفرد قسريا لعديد من القنوات والمواقع الاخباريه الاخباريه وقنوات عائله السوشيال ميديا وعبر كل مفردات الاعلام الاليكتروني والتواصل الرقمي.
الوفره والكم الهائل من المواد الاعلاميه لم تكن لتحقق ازمه لعقل المتلقي لو كانت تتحري المصداقيه والمهنيه والواقعيه في الطرح عندها سيكون مفادها واحد حتي ان اختلفت كلماتها وطرق بثها عبر مقال او منشور او فيديو تقريري او حواري او تسجيلي او عرضا ببرامج توك شو لكن للاسف اصبح اغلب المحتوي موجها يخضع لهوي كاتبه او عارضه او المتحدث به وخلفه قليلا تقع قناعه المرسل وكثيرا توجهات واملاءات افكار المجموع الذي يمثله او من يموله او يملك قناته او ربما يكون المحتوي تنفيذا لحروب اعلاميه تقودها وتغذيها منظمات او جماعات او جهات ذكيه تابعه لدول مختلفه المصالح او الهوي.
اساتذه الاتصال حددوا ان التشويش الذي يحدث لمحتوي الرساله الاعلاميه اما ان يكون (تشويشا دلاليا) يتعلق باختلاف المفاهيم او اللغه او الرموز مما يشكل لبسا في المفهوم الذي يصل لعقل المتلق عن الذي يقصده المرسل والتشويش الاخر هو (تشويش ميكانيكي) يسببه سوء الطباعه او الكتابه او سوء اشارات البث اوشبكات الهاتف النقال الامر الذي يسقط جزء من الرساله فيسقط بالتبعيه معاني ومحتوي الرساله المحموله عليه ويرتبك مفهومها او يضيع.
اما ان تحقق الوفره وغزاره الرسائل المتضاربه تشويشا في عقل المتلقي فذلك لحاله الدهشه والارتباك والحيره التي تصيبه نظير الاختلافات بين الرسائل المتعدده وفقا لاختلاف قناعات وهوي وغرض المرسلين المتعددين الذين يبثون هذه الرسائل الوفيره عنه، هذا التشويش قد يفوق التشويش الذي ينتج عن اختلاف الدلالات وعيوب وسائل نقل الرسائل ويفوق ايضا التشويش الذي يحدث بالعقل نتيجه قله المعلومات او عدم وصولها للمتلقي والذي اخره ان يكون العقل جاهلا بالموضوع الي ان تتضح حقيقته او يهمل لغموضه.
الامر المعقد والذي يدمر العقل ويجلده ان تلقي المحتوي الاعلامي يتم قسريا_كما ذكرت _ وبسهوله مطلقه عبر الضغط علي ريموت مؤشر جهاز الاستقبال الفضائي او سحب شاشه الهاتف المحمول او تمرير الماوس والذي تتدفق من خلالهما الاف الرسائل المغلفه باطار جذاب من كلمات مقنعه او صور جذابه تغلف محتوي متناقض لحد الدهشه والحيره، غير مايوفره الاتصال الشخصي في اماكن العمل وجلسات السمر ومحادثات الهاتف واحاديث وسائل النقل الجماعي من اخبار ومعلومات مصدرها اما قرات في فيسبوك او مكتوب علي النت مضافا اليها رؤيه الناقل حسب فهمه وتوجهه وقناعاته وتلك تحتمل نفس ماتحتمله رسائل يتعرض لها الفرد بنفسه.
.. بعض العقول التي تدرك هذا قد تقرر التنحي عن التعرض المرهق المشوش تفاديا لتفعيل قدراتها علي الفرز والانتقاء والتي ترهقها اكثر وعقول الاغلبيه تتعرض لكل مايعرض وتقوم بانتقاء حسب هواها ما ان يستقر في وعيها حتي يشوشه محتوي متناقض واما ان تتعرض بلا انتقاء ولا تفاعل في اطار الفرجه فقط مما يفقد سيل الرسائل المتدفقه بغزاره كل المعاني التي يقصدها مرسلوها فيحدث تشويش الوفره التي يسقط كل الرسائل ومعانيها
احيانا تراودني فكره مفادها ان هذا الكم من التدفق للمواد والرسائل الاعلاميه قد يكون مقصودا لخلق عقول مشوشه فارغه او اقصاء العقول التي تتنحي اتقاءا للتشويش لكن تنتفي الفكره لمعرفتي بان المرسلين اصلا غير متفقين ولا منسجمين وانما يتصارعون للوصول لعقل مسكين يحتلونه او يضللونه.