مقالات الرأى

مشيرة موسى تكتب : علموا أولادكم حسن الاختيار

كل ” عيد حب ” وانتم طيبين وحلوين ….من الهند ( بلد العجائب والغرائب )علي رأي المرشد السياحي، أبعث لكم أمنية جميلة أهديها للحبايب و الغرايب ان “ربنا يسعد قلبكم”.
بمناسبة الحب وسنينه، انتشرت هنا أيضا في مدن الهند المختلفة ، والتي ازورها مع مجموعة من الطف الكائنات الفاتنات….القلوب والدباديب الحمراء….والأمر مكثف هنا لأن اللون الأحمر في الهند يرمز الي قوة العاطفة والأحاسيس الملتهبة….
طبعا لن اضيع وقتكم وأكتب عن الدباديب…فهذه هيافة ومضيعه للوقت….لكن سأكتب عن قصة حب انتهت منذ عدة قرون….ورغم ذلك مازالت تكتب وتحكي وتمثل علي المسارح ….انها قصة حب الإمبراطور المغولي “شاه جهان”(ملك الدنيا)وزوجته فائقة الجمال “ممتاز محل “….والتي يشهد ويشهدنا عليها حتي هذه اللحظة “ضريح تاج محل” في مدينة اغرا الهندية والذي بني بالكامل من الرخام الأبيض ويعد افضل جواهر الفن الإسلامي بالهند ….
لن اتكلم كثيرا عن كيف او متي التقي الحبيبان أو متي ارتقي الإمبراطور العرش…ولكنهما خطبا في عام ١٦٠٧ وتزوجا عام ١٦١٢ ….وهو التاريخ الذي حدده المنجمون (وكان عمرها ١٩ عاما)…
كانت “ممتاز محل ” ثالث زوجات “شاه جهان” ومحبوبته التي لم تفارقه ابدا في اوقات السلم او الحرب ….حتي انه في عام ١٦٣١ وعلي الرغم من حملها…رافقت شاه جهان في حملة عسكرية ،حيت جائتها الآم الولادة في مدينة برهانبور ….وبعد ولادتها لطفلهما الرابع عشر اصيبت بنزيف حاد وتوفيت عن عمر ٣٨ عاما …حيث دفنت مؤقتا في برهانبور إلى أن تم نقل رفاتها إلي مدينة اغرا في عام ١٦٣٢….
كانت رغبة “ممتاز محل “الاخيرة والتي همست بها لزوجها الحبيب “شاه جهان ” ان يبني لها ضريح هائل يرمز ويشهد علي حبهما الذي لم يفرقه غير موتها….
انهار “شاه جهان” بعد موت معشوقته وظل يرفض لشهور طويلة الخروج لشعبه …مكتفيا بالبكاء وزيارة قبر زوجته كل يوم جمعة لقراءة الفاتحة….
طالب “شاه جهان ” من كل المتخصصين تصميم المبني الخيالي الذي يليق بزوجته ودقق في كل التفاصيل حتي بدأ بناء ” تاج محل ” في عام ١٦٣٢….استغرق العمل حوالي ٢٢ عاما واشترك في البناء اكثر من ٢٠ الف عامل من الهند وبلاد فارس والامبراطورية العثمانية وأوروبا.. ويقع البناء علي مساحة ٤٢ فدان…
شيد “تاج محل ” من الرخام الأبيض ويعد افضل مثال علي العمارة المغولية ويضم مزيجا من الأساليب الزخرفة الهندية والفارسية والإسلامية ….ويشتمل مجمع ضريح تاج محل علي مسجد مزدوج وحدائق جميلة ومتحف … ويعد احد المعالم الأثرية الأكثر شهرة حيث تم ضمه إلي مواقع التراث العالمي لليونسكو عام ١٩٨٣….
ولأن قصص الحب الجميلة لا تخلو في احايين كثيرة من المآسي أيضا…يجب أن اذكر ان موت “ممتاز محل” أثر علي حكم” شاه جهان” كثيرا….وفي عام ١٦٥٧ مرض “شاه جهان ” فتصارع أربعة من أبناءه علي الحكم وفي عام ١٦٥٨ فاز الإبن “اورنغريب” والذي قام بمحاصرة قصر والده والقي القبض عليه ليتم سجنه في حصن مدينة اغرا حتي وفاته وقبل ان يحقق حلمه في بناء ضريح اخر له من الرخام الأسود عبر النهر علي ان يكون متصلا ب “تاج محل” بواسطة جسر….
دفن الإمبراطور المخلوع إلي جانب زوجته وحبيبته لتنتهي واحدة من أعظم قصص الحب في التاريخ وليظل ضريح “تاج محل “شاهدا وحافظا وراويا لقصة حبهما….
ونجئ للدروس المستفادة من قصة الحب العظيمة التي سجلها التاريخ بين الإمبراطور المغولي “شاه جهان ” والجميلة “ممتاز محل “….
– ان الحب الحقيقي يمكن أن يدوم حتي بعد موت احد طرفيه….
– ان الحب الحقيقي يحقق فكرة الاكتفاء بالمحبوب الواحد….
– ان الحب الحقيقي يلغي فكرة “الرمرمة” ….
واخيرا اتمني ان تسعدوا ب “عيد الحب “او ” الفالانتين” طوال أيام العام….والا يكون الدبدوب او القلب الأحمر رمزا وقتيا او نزوة تنتهي بمرور الوقت….علموا أولادكم حسن الإختيار…

زر الذهاب إلى الأعلى