مقالات الرأى

امجد مصطفى يكتب : تحديد اقامة المبدع و سن المعاش فى ادارة الفنون

هناك مهن لابد من اعادة النظر فى سن المعاش الخاص بها،او النظر فى كلمة التقاعد من الاساس،و هى المهن المتعلقة بادارة الإبداع وتتطلب على رأسها فنان او كاتب.
لو أخذنا مثال فى البداية، بقادة الاوركسترا و هنا اقصد القائد الحقيقى الموهوب و الدارس فى نفس الوقت وحظى بالقيادة فى دول عدة،و ليس الذين يمارسون القيادة بالفهلوة،او بحكم وجودة كعازف قديم الخ من أسباب ليس لها علاقة بممارسة بفن القيادة.
لدينا نماذج ناجحه عملت بالخارج مثل المايسترو احمد الصعيدى و نادر عباسى و آخرين لهم مواصفات القائد المستنير الذى لا يجب ان تحدد إقامته عند سن الستين،تخيلوا مثلا ان الصعيدى فى يوم من الايام خرج الى التقاعد،و ظل يعمل بعقد سنوى،و هنا يختلف الامر، لان القائد الذى يمد له بعقد سنوى، يصبح يقود و لا يدير اى ان امور الإدارة تذهب لمن له حق التوقيع،و حق التوقيع يكون لشخص اعتبارى دون الستين من العمر.المايسترو الذى يخرج للتقاعد فى حالة المد له، تجده مسئول عن البرنامج و اعداد العازفين، نعم،كل ما يتعلق بخطة الاوركسترا لكن كل النواحي الإدارية تذهب لشخص اخر او انه يديرها كقائد من الباطن.نقيس على هذا الامر من بين الشخصيات محددة المدة بسن التقاعد كل قادة الفرق فى المسرح بمختلف شعبه و الاوبرا و قطاع الفنون التشكيلية ،رغم ان تلك الاماكن فى حاجه إلى اصحاب الخبرات التراكمية،و هذا ليس معناه اننا نضحى بالشباب او الصف الثانى،بالعكس اهلا بالشباب و الصف الثانى المؤهل من حيث الموهبة و العلم،و بالتأكيد لو ان هناك شاب متميز سوف يحصل على فرصته لو هناك عدالة و ظيفية وليس بنظام الاقدمية المعمول به فى اغلب الاماكن،كما حدث مع نادر عباسى عندما استعان به الدكتور سمير فرج عندما كان رئيس لدار الاوبرا،لقيادة اوركسترا اوبرا القاهرة نهاية التسعينات تقريبا،ناظر آلان من أهم قادة الاوركسترا،و له تجارب عالمية،الان هل نستغنى عنه لو هو مازال فى الاوبرا.
الفن وادارة الفن يجب ان تتحرر من قيود كونها وظيفة إدارية إلى براح اكبر، و علينا ان ننظر إلى اهم قادة الاوركسترات فى العالم اغلبهم فوق السبعين،مثل ريكاردو موتي المولود في 28 يوليو من العام 1941، بمدينة نابولي الإيطالية،الذى قاد اوركسترا فيينا الفلهارمونى خلال حفله بأوبرا العاصمة الادارية منذ عدة اشهر،و اتصور ان ادارة اوركسترا فيينا لديها من الخبرات الكثير لتوفير قائد شاب،لكنهم يختارون الأصلح فى هذا التوقيت.و هنا انا اذكر القيادة على سبيل المثال حتى نقيس عليها الأمور.
مكان مثل اكاديمية الفنون و المجلس الاعلى للثقافة و انا اطلق على هذا الكيان برلمان المثقفين،لذلك لابد من معاملته معاملة تليق بدوره،ايضا رئاسة الاوبرا أو البيت الفتى للمسرح او قطاع الفنون الشعبية و الاستعراضية انا ضد ان يكون رئيس تلك الكيانات مقيد بسن،و هنا أتحدث عن الموهوبين فى الإدارة و الموهوبين فنيا،و الذين لديهم قدرة على خلق مناخ للابداع، وليس من ثبت عدم صلاحيته فنيا و اداريا.حتى لا يتصور البعض اننى ادعم استمرار من فشل.
اعلم ان مد سن المعاش او الغائة فى بعض الوظائف يحتاج إلى تشريع،لذلك اتمنى من وزيرة الثقافة الحالية نفين الكيلاني تبنى هذا الامر،و عمل دراسات من خلال بعض المختصين عن تلك الفكرة،فكرة اعادة الحياة إلى اصحاب المواهب و الأكثر قدرة على الإنتاج،و الأكثر قدرة على الإبداع،مصر خلال السنوات الاخيرة خسرت مبدعين فى الفن والادارة بسبب سن التقاعد.
هل هذا الامر يعانى منه الفنانين فقط،بالتأكيد.. لا…هناك مهن إبداعية اخرى مثل مهنة الصحافة،يوما بعد يوم نودع زميل إلى مقهى المعاشات،لينضم إلى الالاف من قادة و حاملى شعلة التنوير،و الغريب ان يخرج مجموعة كبيرة من الزملاء الصحفيين،رغم ما نعاني منه من قلة الموهوبين فى هذه المهنه،و كذلك ازدياد نفوذ صحافة الشيطان آلا و هى صحافة التريند الغير أمينة و التى حولت المهنه كلها إلى ما يشبه نابشى القبور و اكلى لحوم البشر،و السعى وراء تشوية الرموز و النيل منهم،مهنة الصحافة شأنها شأن مهنة الطب زمان تحتاج الى الحكمة عندما كان يطلق على الطبيب حكيم،الان الطب اصبح تجارة.و بالتالى نحن بحاجه الى الصحفى الحكيم الذى لا يبحث و لا يجرى خلف الاخبار الشخصية للفنان او لاعب الكرة او السياسى.و السؤال هنا هل عوضنا حمدى قنديل الصحفى و الاعلامى الذى جلس فى منزله لسنوات،هل عوضنا صبرى موسى،هل عوضنا سلامه احمد سلامه او فكرى اباظة او احمد رجب او احمد بهجت او محمود عوض او جمال بدوى او مصطفى شردى او مصطفى و على امين او نبيل عصمت.
القائمة طويلة و اغلبهم جلس فى منزله قبل الرحيل بسنوات بسبب سن التقاعد،و لم نستفيد من خبرتهم.

الصحفى و الكاتب و الفنان مهن بطبعها تراكمي، تحتاج الى خبرات و مواقف مختلفه،كلما ازداد صاحبها خبرات و تراكمات فنية كلما ازداد لمعان و جودة فى الاداء،فالشخص يتم تقيمه بما يقدم من اداء و إنجازات،و ليس بمدى علاقته بمن يملك قرار استمراره من عدمه.
فالمهن المتعلقة بالابداع لابد ان يكون لها معاملة خاصة،اتمنى خلال الفترة القادمة ان تعمل الدولة على مراعاة ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى