مقالات الرأى

محمد عبد النور يكتب : دولارات صندوق النقد

لا أظن ان هناك سبيلا اخر غير التنفيذ الحرفى للاتفاق الذى أبرمته حكومة مصر مع صندوق النقد الدولى الى ان تنفرج العقدة الاقتصادية بسلام ، و بعض بنوده التى أعلنها تقرير الصندوق ، كان مطلبا لاقتصاديين مصريين كبار منذ وقت ، وبعضها الاخر كان اهداف أعلنتها حكومة د. مدبولى قبل أشهر قليلة ، أهمها وثيقة ملكية الدولة بخطة التخارج و المدى الزمنى ، بالرغم من قسوة التكلفة الذى فرضتها الأزمة على عموم المصريين و ضيق حال تفاصيل حياتهم اليومية ، فالكل قد طالته المعاناة فى أكل العيش تحت مظلة خوف و عدم يقين وسؤال مستمر ’’ و بعدين؟ ‘‘.
فالوضع كاشف ، و الخيارات منعدمة و افتراض المناورة هو مقامرة خاسرة بكل المقاييس ، ولابد من التنفيذ الصارم من أجهزة الدولة للاتفاق الذى توصلت إليه الحكومة مع صندوق النقد، ليس بداعى الحصول على مليارات دولارات القرض الثلاثة و ملحقاتها فهو مبلغ هذيل جدا قياسا بحجم تحديات الأزمة ، و لكن لما نص عليه الاتفاق من وجوبية إعادة صياغة آليات المسار الاقتصادى ككل طبقا لمفاهيم اقتصادية محددة ، وتصحيح المسارات التى أدت الى هذه النتيجة و تجنبها مستقبلا ان صح التعبير ، والفيصل هنا هو المراجعات الدورية التى سيجريها صندوق النقد.. و غير هذا يصبح عبثا لا امل فيه و لا رجاء.
صحيح ان انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار .. بهذا القدر و هذه النسبة مؤسف جدا كنتيجة سبقتها مقدمات.. و صحيح ايضا ان تآكل القوة الشرائية للدخول مؤذي جدا لطبقة وسطى أصبحت فجأة تئن من ضغط الحاجة .. و صحيح ثالثا ان الاسواق ستعاني من حالة عدم يقين لفترة من الوقت سترفع من ضغط الأعباء .. لكن .. يقينا .. ليست هى اول ازمة يمر بها المصرى فى تاريخه .. و يقينا أيضا أنها ليست اول مرة يعيش فيها المصريون ضيق الحال و قسوة المعاناة فى أكل العيش .. فالشعب الاصيل الذى تحمل التبعات الاقتصادية لثلاثة حروب فى عقدين من الزمن و دفع التكلفة من أكل عيشه عن طيب خاطر .. هو نفس الشعب الذى هضم مرارة الانكسار فى هزيمة 1967 و دفع تكلفتها من قوت يومه .. ايضا بطيب خاطر .. هو الشعب الصلد القادر على اجتياز هذه المحنة، مدركا بذكائه الفطرى أسبابها الحقيقية .. ستمر الازمة بدولارات صندوق النقد و بغيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى