إن الإبتزاز الإلكترونى بصفة عامة هو عملية تهديد يقوم بها الجانى لترهيب الضحية وذلك عن طريق نشر صور أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية سواء حصل عليها بطريقة مشروعة أو غير مشروعة وذلك لإجباره على دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة، وعادة ما يتم اصطياد الضحية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها من وسائل الاتصالات الحديثة.
من هنا كان لازماً على المشرع مواكبة هذا التطور السريع بحزمة من التشريعات التى تواجه هذا الصنف من الجرائم التى تتحدى القواعد التقليدية للجرائم الأمر الذى لفت انتباه المجتمع لحجم المخاطر والخسائر التى من الممكن أن تنتج عن هذا التطور من أعمال إجرامية تتسم بالذكاء والتعددية من أفراد توافرت لهم جميع أدوات التقنية الحديثة ويمتلكون نواصى المعرفة مما تكون للجريمة الإلكترونية عظيم الأثر، ليس على الأفراد فحسب بل على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وجرائم الابتزاز الإلكترونى إحدى هذه الجرائم الأمر الذى تنبه له المشرع المصرى للتدخل لمواجهة ما أفرزته تلك الثورة المعلوماتية من ظواهر إجرامية وسلبيات خطيرة الأثر فى شتى مناحى الحياة.
ويُعَدُّ الابتزاز الإلكتروني من الجرائم الإلكترونية التي ظهرت بظهور الإنترنت، وقد عرَّفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الجرائم الإلكترونية بأنَّها “كل فعل أو امتناع من شأنه الاعتداء على الأموال المادية أو المعنوية، ويكون ناتجاً بطريقة مباشرة عن تدخُّل التقنية المعلوماتية”؛ إذاً الجريمة الإلكترونية هي سلوك غير مشروع وغير أخلاقي يرتبط باستخدام التقنيات الحديثة مثل الحاسوب والإنترنت.
فالإبتزاز الإلكتروني هو من الجرائم الحديثة التي تهدد أمن وسلامة الفرد، ومن ثمَّ أمن وسلامة المجتمع الذي يعيش فيه، ويقوم في جوهره على التهديد ونشر الخوف في نفس الشخص الآخر من خلال الضغط عليه وتهديده بإلحاق الضرر به أو بالأشخاص المقربين منه.
الابتزاز الإلكتروني هو التهديد بإفشاء أمور ماسة بحياة الفرد الشخصية والخاصة جداً وبشرفه في كثير من الأحيان، وتزداد خطورته إذا قام الجاني بإخضاع المجني عليه بالإكراه للامتثال إليه لتحقيق رغباته، وتنفيذ أعمال غير قانونية، ويتم تصيد الضحايا عن طريق الوسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، مثل “فيسبوك” و”إنستغرام” وغيرها من البرامج، والتي أصبحت شائعة الاستخدام من قِبل مختلف الفئات في المجتمع.”
هذا الأمر دعا المشرع المصرى إلى سن القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ فى شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وخصص الفصل الثالث منه نص المادتين ٢٥، ٢٦ للجرائم المتعلقة بالاعتداء على الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع، حيث نصت المادة ٢٥ على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ٦ أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى أو انتهاك حرمة الحياة الخاصة… إلخ.
نصت المادة ٢٦ من القانون على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية فى معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره وشرفه».
بقلم – غلاب محمد حسين
المحامى بالنقض والإدارية العليا
ومحاكم الجنايات