مقالات الرأى

مختار محمود يكتب: غواية قتل متعة المصريين في رمضان!!

الشعب المصري مغلوب على أمره منذ زمن بعيد. أيُّ شيء يُدخل على نفسه البائسة البهجة ويشيع في جوانحها السرور. ظل المصريون يجدون متعتهم في مشاهدة كرة القدم قبل إفسادها بدوري أندية الشركات مثلاً. كان المصريون يجدون ضالتهم المنشودة في مسلسل عربي تمت صناعته بإبداع حقيقي قبل تأميم الدراما وإثقالها بالقيود والخطوط الحمراء وطرد المبدعين الحقيقيين وتجويعهم وإحالتهم إلى التقاعد القسري. كان المصريون ينسون أوجاعهم مع برنامج كوميدي خفيف الظل في آخر الليل قبل فرض الوصاية على الكوميديا واستبدالها بجرعات مكثفة من السماجة المفرطة من خلال أشخاص مختومين بختم النسر. كان المصريون يبتهجون بأيام وليالي شهر رمضان المعظم، وكانت بهجتهم تكتمل بأداء صلاتي العشاء والتراويح، ثم التهجد في الثلث الأخير من الشهر خلف أئمة ذوي صوت طيب وأداء عظيم، قبل أن تمتد يد الشر أيضًا إلى هذا الملف عامًا وراء عام، فتفسد على الناس بهجة كانت مجانية ومُتاحة للجميع. الحكومات في مصر لا تقتحم مجالاً إلا أفسدته وجعلت أعزة أهله أذلة، وكذلك تفعل دومًا وأبدًا..والشواهد لا تُحصى عددًا: سياسة واقتصادًا وفنًا..وصلاة!!
استكثرت الحكومة الحالية على المصريين بهجة المصريين في رمضان، واستمتاعهم بأداء صلاتي العشاء والقيام في مشهد يومي روحاني، وقررت تأميمها أيضًا؛ بغرض إفسادها عليهم، وحتى يكونوا أمام خيارين، كلاهما مُر كالعلقم، وهما: إما ترك المساجد، وإما الصلاة خلف إمام حكومي “صِرف” ينفذ ما يملى عليه حرفيًا من سادته القاطنين في وزارة الأوقاف، ولا يعصي لهم أمرًا، ولا يخالف لهم توجيهًا؛ حتى لا يحال إلى التقاعد والتجميد والمحاصرة والتجويع!
يمكن الجزم بأن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي نجحت في الأعوام الماضية في إفساد شهر رمضان عليهم بشكل موسع وممنهج، ولا سيما فيما يتعلق بالمساجد. ورغم حالة الغضب الشعبي التي تملأ الفضاء الإلكتروني كل عام، إلا إنها تواصل حالة العناد والتضييق على المصريين بشكل ممنهج.
هذا العام..قررت وزارة الأوقاف التوسع في خطتها الرامية إلى تطفيش رواد المساجد الكبري التي يقصدونها خلال الشهر الكريم تبركًا وابتهاجًا، من خلال فرض عدد من القراء الإذاعيين لإمامة المصلين في صلوات العشاء والقيام والتهجد. وفي إطار المكايدة الي تتقنها وزارة الأوقاف..تم نشر جداول بأسماء القراء الذين تم فرضهم بالقوة الجبرية لإمامة المصلين خلال شهر رمضان بعدد من مساجد آل البيت الكرام، وعدم الاكتفاء فقط بمسجد الحسين رضي الله عنه، كما كان يحدث في سابق المواعيد. القاصي والداني وبينهما وزير الأوقاف يعلمون علم اليقين أن معظم الأسماء التي تضمنتها جداول الوزارة لا يطيق المصريون سماع أصواتهم “النشاز” و”الخشنة” في قرآن الفجر أو الجمعة الذي لا يتجاوز بضع دقائق، أو في أي مناسبة أخرى، فكيف يطيقون الصلاة والدعاء وراءهم وقوفًا نحوًا من ساعة أو أقل قليلاً. وإمعانًا في سوء النية وتأكيدًا لها، فقد تم استبعاد أصحاب الأصوات الندية من جداول الوزارة غير المباركة..وهكذا تتفنن حكومة مصطفى مدبولي في إفساد ما تبقى من متعة المصريين خلال الشهر الكريم، وكأن قول الله تعالى: “أفمن زُيِّنَ له سوء عمله فرآه حسنًا”، قد نزل فيها وفي وزيرها المختص بهذا الشأن، المدفوع دومًا بـ”داء الغواية”!

زر الذهاب إلى الأعلى
اكتب رسالتك هنا
1
تواصل معنا
اهلا بك في بوابة " مصر الآن"