مقالات الرأى

د. أمانى فاروق تكتب : نجوم الفضاء الرقمي ..”الدحيح” نموذجاً

0:00

في عصرنا الرقمي الحالي، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات قوية تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية ، وسط هذا الفضاء الشاسع، برزت ظاهرة “المؤثرين الرقميين”، الذين يستخدمون هذه المنصات لتقديم محتوى يصل إلى ملايين المتابعين، خاصة من جيل الشباب، هؤلاء النجوم الرقميون يحملون في جعبتهم قدرة هائلة على التأثير، سواءً كان ذلك بالإيجاب أو بالسلب.
فهم يستطيعون أن يكونوا قوة دافعة للتغيير الإيجابي في حياة الشباب ، فمن خلال الجمع بين التعليم والترفيه، يقدمون محتوى يتسم بالجاذبية والفائدة ، ولا يسعنا إلا أن نشيد بمن يستخدمون منصاتهم لنشر الوعي حول قضايا حيوية مثل الصحة النفسية وحماية البيئة بأسلوب بسيط وجذاب. فبينما يجلس الشباب في بيوتهم، يمكن لهم أن يستلهموا من قصص نجاح وتجارب شخصية تعرض بأسلوب ملهم ومحفز، مما يعزز لديهم الثقة والسعي لتحقيق أحلامهم.
لكن، كما لكل ظاهرة وجهان، فإن لنجوم الفضاء الرقمي جانباً آخر لا يمكن تجاهله. قد يشعر الشباب بضغط كبير لمحاكاة أسلوب حياة المؤثرين، مما يؤثر سلباً على صحتهم النفسية. بالإضافة إلى ذلك، ليس كل المحتوى الذي ينشره هؤلاء النجوم دقيقاً أو موثوقاً، مما قد يسهم في انتشار المعلومات المضللة. ولا ننسى أن بعض المؤثرين يعتمدون بشكل كبير على الإعلانات المدفوعة، مما يمكن أن يؤدي إلى استهلاك مفرط وغير ضروري وتحويل المجتمعات العربية الي زيادة الثقافة الاستهلاكية بينما نحن في أمس الحاجة للتحول إلي مجتمعات منتجة.
ولكن وسط هذا التباين، يبرز هذا الشاب المصري الجاد “أحمد الغندور” ، المعروف بـ “الدحيح”، كنموذج إيجابي ملهم. بصوته الهادئ وأسلوبه السلس البسيط والمؤثر، استطاع الغندور أن يجذب ملايين المتابعين على منصة يوتيوب من خلال تقديم محتوى علمي وتاريخي مشوق، اسعدني الحظ أن ألتقي مع هذا الشاب المحترم الأسبوع الماضي وفي الحقيقة لم أكن أعرفه إلا من خلال اولادي كما صارحته بخجل، وخلال ندوته التي حضرتها في تونس الأسبوع الماضي التي نظمها له اتحاد اذاعات الدول العربية ضمن فعاليات المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في دورته ال ٢٤ في مدينة الثقافة بتونس، وقد كان الإقبال على حضور الندوة منقطع النظير مما دفعني الي الاهتمام بالحضور بل والجلوس في الصف الأول، كان واضحاً كيف ألهب شغف الشباب بالمعرفة والفضول العلمي مما دفعني للبحث عنه علي المنصات الرقمية ومتابعته، تحدث الغندور عن أهمية التعليم بطرق مبتكرة، وكيف يمكن للشغف أن يكون الدافع الأكبر للتعلم وكيف تكون طريقة تحديد المحتوي بما يتناسب مع جمهوره المستهدف هي البطل ، مع التأكيد على أهمية البحث والتدقيق للمحتوي المقدم ومجهودات فريق الكتابة الخاص به.
أحمد الغندور ليس فقط مجرد صانع محتوى، بل هو رمز للإبداع والتميز في الفضاء الرقمي العربي، تفاعل الشباب العربي معه بشكل كبير، حيث وصلت مشاهداته إلى ملياري مشاهدة، وهو رقم يعكس مدى تأثيره الكبير. هذا الاحتفاء يعكس قدرة الشباب العربي على التمييز بين المحتوى الإيجابي والسلبي، والاختيار الواعي للمحتوى الذي يغذي عقولهم ويشجعهم على التفكير النقدي والتعلم المستمر.
ولكي يستفيد شبابنا من ظاهرة نجوم الفضاء الرقمي (المؤثرين الرقميين) بالشكل الإيجابي الأمثل لها ، اسمحوا لي ان أقدم لهم هذه النصائح البسيطة ،، والتي تتلخص في اختيار المحتوى بعناية، والتأكد من متابعة المؤثرين الذين يقدمون محتوى مفيد ومثير للاهتمام.
والتوازن، أو عدم الانغماس الزائد في وسائل التواصل الاجتماعي والتأكد من أن هذا لا يؤثر على جوانب أخرى من الحياة مثل الدراسة والتواصل الاجتماعي الحقيقي وليس الافتراضي.
وايضا الاهتمام بمهارات التفكير النقدي، والذي يعني تحليل المحتوى بعقلانية وعدم تصديق كل ما يتم نشره دون التحقق من المصادر.
بالإضافة إلي المشاركة الإيجابية ، والتفاعل مع المحتوى الإيجابي والمساهمة في نشره، والابتعاد عن نشر أو التفاعل مع المحتوى السلبي.
كذلك استخدام المنصات الرقمية كوسيلة للتعلم واكتساب المهارات الجديدة بدلاً من مجرد الترفيه الغير هادف فقط.
في نهاية المطاف، تتباين تأثيرات المؤثرين الرقميين بين الإيجابية والسلبية، لكن هناك نماذج مثل الشاب المصري الجاد “أحمد الغندور” تثبت أن الفضاء الرقمي يمكن أن يكون ساحة للإلهام والتعلم، لذا يجب علينا كجمهور واعٍ أن نختار بعناية المحتوى الذي نتابعه، وأن نسعى دائماً للاستفادة من النماذج الإيجابية والبناءة، لنبني مستقبلاً مشرقاً لأجيالنا القادمة.
——
مدير مركز التدريب والتطوير بمدينة الانتاج الاعلامى

زر الذهاب إلى الأعلى