أحمد فرغلي رضوان يكتب : الرقابة المرتعشة..بدون إجابات
أشفق على صناع السينما المصرية أصحاب المشاريع التي تحمل قدرا من الخيال والابداع أو الاقتراب من مناطق تعتبر “محظورة ” وأخرهم مخرج فيلم “أخر المعجزات” عبدالوهاب شوقي والذي كان ينتظر عرض الفيلم في افتتاح مهرجان الجونة وفوجيء بقرار المنع، المدهش انه حتى كتابة هذه السطور قال ” ليس عندي اجابة” ! عن أسباب المنع والرقابة كالعادة لم تقدم أي مبررات لقرار المنع ويتجاهل القائمين عليها أسئلة الصحفيين ووسائل الإعلام عن أسباب منع عرض الفيلم.
نعم يحدث هذا مع صناعة السينما المصرية التي تجاوز عمرها 100 عام وفي عصر الأطفال الصغار يشاهدون كل الإنتاج العالمي بكل أفكاره التي تتجاوز جميع الحدود بكل أريحية ومن خلال الهواتف في أيديهم ! وسط كل هذا العصر العالمي الجديد تجد خبر منع عرض فيلم سينمائي كل فترة والأغرب إنه منع بدون أسباب أو إصدار بيان صحفي يحترم صناع الفيلم ووسائل الإعلام ويحمل إليهم حجج ومبررات المنع.
ما هذا وكيف يتم أخذ قرار بدون تقديم اجابات ومبررات واضحة ما هي الأسباب “المهولة” التي منعت عرض فيلم هو في النهاية عمل إبداعي يحتمل الخيال والتجربة ومأخوذ عن قصة “المعجزة” للأديب العالمي نجيب محفوظ والتي صدرت عام 1969 ويعاد طبعا إلى الأن! ضمن المجموعة القصصية “خمارة القط الأسود” .
يبدو أن فيلم أخر المعجزات “خافت” منه الرقابة لأسباب دينية !! وهي قصة بديعة بها من الخيال الكثير لأديب نوبل، ممكن تفسير القصة عن علاقة بطلها بالغيبيات وأولياء الله الصالحين ولكن هل انزعجت الرقابة من المكان الذي تدور فيه الأحداث “الخمارة” ووقعت فيه المعجزة التي اكتشفها البطل ! رغم أن نهاية القصة تكشف إن ما حدث مجرد أوهام! ، لم أشاهد الفيلم ولا أعرف كيف صار السيناريو ، هل مثل القصة أم تم تغيير بعض الأشياء.
بدون شك هامش حرية الإبداع في الفن المصري يسير حسب الأهواء الذاتية وحسب قدرة القائمين على الرقابة السينمائية لاستيعابهم أفكار الأعمال المطروحة عليهم والتناقش حولها.مع صناع تلك الأعمال (حتى يقنع طرفا الأخر ) ولا شك السنوات الأخيرة هي من أضعف فترات الرقابة إبداعيا.
المخرج يوسف شاهين أحد أبرز المخرجين المصريين في نضالهم مع الرقابة طوال سنوات عمره الفني حيث بدأ صدامه مع الرقابة منذ أول أفلامه ” بابا أمين” وهو من الأفلام الجريئة جدا في فكرتها وبالفعل طلب القائمين على الرقابة وقتها من شاهين تغيير النهاية لأسباب دينية ووافق على طلبهم ومنذ ذلك التاريخ وأصبح شاهين “زبون” دائم على الرقابة ولم ييأس وظل يتحايل على الرقابة طوال سنوات عمله لتنفيذ أفكاره الإبداعية، لذلك يجب أن يتمسك جميع صناع الفن بأفكارهم وأحلامهم دون يأس وبالتأكيد سينجحوا يوما ما.
الخوف لا يصنع إبداعا ويجب أن يعاد النظر في مساحة حرية الإبداع الممنوحة للفن والأهم أن يتولى زمام الأمور رقيب على درجة كبيرة من الوعي والثقافة تجعله قادر على استيعاب الأفكار الإبداعية.
في عصر عبدالناصر الذي يتهكم عليه الكثيرين وصلت السينما المصرية إلى مرحلة من حرية الإبداع يتم إنتاج أعمال تتحدث بشكل مباشر عن فساد السلطة وظهرت في تلك الفترة أفلام مثل ميرامار وشيء من الخوف، الثقافة شهدت فترة ازدهار كبيرة مع وزير الثقافة الرائع ثروت عكاشة والذي له إسهامات عظيمة في تلك الفترة أسست للثقافة المصرية وفي انتظار أن يهدينا القدر وزير ثقافة لديه مشروع تنويري مثل عكاشة يعيد للثقافة المصرية ازدهارها .
أخيرا المخرج عبدالوهاب شوقي تمسك بأحلامك الفنية وأفكارك قدر المستطاع.