مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : أحلام تموت واقفة

هو مولوده الصغير الذي تكون بين أعضاء جسده وتغذى من غذاء روحه وعقله وأحاسيسه ومشاعره لم يكن مكانه في البطن كسائر الأجنة ، ولكن مكان حياته واستقراره في كل قطعة من جسده , ولا تدري من منهم يحتوي الآخر ويعيش بداخله جنين غريب الأطوار في تكوينه حتى في نشأته.

بذرته الأولى لم تكن من ماء أو حيوان وإنما كانت من حب وانتماء لم تكن له فترة حمل محددة فخروجه إلى الحياة مرتبط بالنور والأمل والطمأنينة والسلام، وحتى عند ولادته لم يولد صغيرا ضعيفا ولكنه ولد قويا يافعا مقبلا على الحياة ويحيا بك كما تحيا به

ويعيش معك كما تعيش معه ..

علاقة وجود أو علاقة حياة

يتقاسم معك الحياة وتتقاسم معه الوجود

من الممكن أن يكون بالنسبة له طفلا صغيرا يكتب عقده مع الحياة ومن الممكن أن يكون بالنسبة لك نبتة صغيرة تنتظر في شوق أن تعانق الضياء، ومن الممكن أن يكون بالنسبة لغيرك لا شيء .. لا شيء .

ينظر من خلاله إلى مكانه .. إلى حياته .. إلى وجوده .. إلى الأرض التي يعيش عليها وما بين الحين والحين يحفر الأرض بأظافره متلمسا جذوره فيها .

يحمل في يده بعض قطرات من ماء المطر

ويحمل في يده الأخرى قبضة من ضوء الفجر.

ويستكمل رحلته بين الخوف والرجاء يعيش معه في صراع دائم سلاحه أمله وسلاح حلمه واقعه.

وبين الأمل والواقع يتجرع قسوة الحياة. احيانا تراه يمشي بنصفين نصف مع حلمه والنصف الآخر مع واقعه، وأحيانا تراه يمشي بنصف واحد ولا تدري أي النصفين هو نصف الحلم ام نصف الواقع.

كثيرا ما يدخل في معارك مع أحلامه احيانا ينتصر هو وأحيانا ينتصر حلمه وفي كثير من الأوقات ينتصر واقعه وفي بعض الأوقات ينهزم الجميع .

ولكنه يحرص في كل معاركه على حياة الجميع لا تدري هل هو ميثاق شرف غير مكتوب بين أطراف الصراع ام هي رغبة دفينة وتمسك بخيوط الحياة.

يتساءل بينه وبين نفسه هل للأحلام عمر

هل للأحلام أجل

كل شيء في الحياة له عمر وله أجل

لكنه يرفض أن يكون لحلمه عمر واجل

وحينما تسأله لماذا

يجيبك لأن حلمه يرتبط بمكانه .. بوجوده .. بجذوره .. بحياته.

لكن الحياة تنتهي

نعم تنتهي ولكن الحلم مرتبط بالروح يبقى يحلق معها في عوالمها الخفية .

ولكن هل الأحلام تبعث من جديد؟

هل للأحلام قيامة؟

هل ترتكب الأحلام ذنوب؟

تكبر الأشياء وتمضي بها السنوات إلى آخر العمر ومع أواخر العمر يأتي الضعف وتأتي الشيخوخة ويأتي النسيان

ولكنه يقول إن حلمه كلما كبر ومضت به الأيام عاد فتيا قويا عاد صغيرا يلهو ويلعب أمام عينية وكأنه يتحدى الأوقات ويتحدى الحياة نفسها حتى يتحقق

تسأله ومتى تنتهي به رحلة الأحلام يقول لك تنتهي به صغيرا صغيرا حتى تذوب داخلي ونصبح أنا وهي شيء واحد ولكنها لا تفنى ولا تنتهي.

حتى وإن تغلبت عليها سنة الكون وانتصرت عليها الأقدار فالأحلام تموت واقفة

محمد محمود عيسى

زر الذهاب إلى الأعلى