عرب وعالم

“الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء” لمحمد بشاري

كتب: حازم عبده

0:00

صدر حديثًا عن المركز الثقافي للكتاب (بيروت – الدار البيضاء) كتاب جديد للمفكر والأكاديمي الأستاذ الدكتور محمد بشاري بعنوان: “الإسلام وما بعد الحداثة: تفكيك القطيعة واستئناف البناء”، في 256 صفحة من القطع المتوسط، وذلك ضمن سلسلة أعماله الفكرية التي تلامس قضايا الإنسان والدين والفلسفة المعاصرة.
يقدّم الكتاب قراءة فلسفية عميقة في علاقة الإسلام بالحداثة وما بعدها، من خلال تحليلٍ نقديٍّ يتجاوز منطق الصدام والدفاع، ليقترح رؤيةً تأسيسية لإسلامٍ حداثيٍّ قادرٍ على استئناف المشروع الحضاري الإنساني في ضوء القيم الأخلاقية والمعرفية الأصيلة.
ويطرح المؤلف ثلاث تساؤلات محورية: هل يمكن للعقل الإسلامي أن يصوغ نموذجًا حداثيًا خاصًا به؟
وكيف يمكن التوفيق بين تطورات الحداثة الرقمية ومفهوم الإنسان في الفكر الإسلامي؟
وهل تمثل ما بعد الحداثة حلًّا لأزمات الإنسان أم إعادة إنتاجٍ لها؟
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة فصول رئيسية:
يبحث الفصل الأول مفهوم الحداثة وتحوّلاتها، متناولًا الإنسان بوصفه مركز التجربة الفكرية الحديثة، بينما يناقش الفصل الثاني علاقة الدين بالحداثة في الفكر العربي والإسلامي، محللًا إشكاليات الخطاب الديني والسياسي في ضوء التحديات المعاصرة. أمّا الفصل الثالث، فيستشرف مآلات ما بعد الحداثة بين إعادة التدوير والانقطاع المعرفي، متسائلًا عن موقع الإنسان في عالمٍ رقميٍّ سريع التحوّل.
يخلص الدكتور بشاري إلى أن الحداثة ليست نقيض الدين، بل هي طورٌ من أطوار العقل الإنساني يحتاج إلى توجيهٍ أخلاقيٍّ وروحيٍّ، وأن الإسلام بما يملكه من عمقٍ مقاصديٍّ قادرٌ على أن يكون شريكًا في صياغة حداثةٍ جديدة تُوازن بين الحرية والمسؤولية، وبين التقدم المادي والسمو القيمي.
الكتاب، كما يقول مؤلفه، “دعوة إلى إعادة بناء الجسور بين الوحي والعقل، بين الشرق والغرب، بين الإنسان ومعناه”، وهو استمرار لمشروع فكريٍّ متكامل قدّمه بشاري في مؤلفاته السابقة مثل اتجاهات النظام الدولي: عالم ما بعد كورونا وجدلية الفلسفة والأخلاق والحرية المستحيلة.
جدير بالذكر أن الدكتور محمد بشاري يشغل منصب الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، وهو من أبرز المفكرين المسلمين المعاصرين، وعضو قائمة أكثر خمسين شخصية إسلامية تأثيرًا في العالم، وحاصل على جائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2025 عن إسهاماته الفكرية في تجديد الفكر الإسلامي والحوار الحضاري.
“ما الحداثة إلا وهمُ اكتمال، وما ما بعد الحداثة إلا قناعُ انقطاع… وما بين الوهم والقناع تاه الإنسان في متاهات المعنى” بهذه العبارة يختم بشاري كتابه، داعيًا القارئ إلى استئناف الرحلة نحو الإنسان الكامل.

زر الذهاب إلى الأعلى