عبد المعطى أحمد يكتب: حدث فى شهر أكتوبر

شهر أكتوبر ملىء بالأحداث والمناسبات سواء على المستوى الوطنى والإنسانى كان آخرها مساء الإثنين الماضى 12 أكتوبر2025حيث وقع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس التركى رجب طيب أردوغان والشيخ تميم بن حمد آل ثانى أمير دولة قطروثيقة اتفاق السلام الشامل بمنطقة الشرق الأوسط وإنهاء الحرب على قطاع غزة, وذلك خلال “قمة شرم الشيخ للسلام” التى عقدت فى مدينة شرم الشيخ, والتى تهدف إلى إنهاء الحرب فى قطاع غزة, وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط, وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمى.
وشهر أكتوبر هو الشهر العاشر من العام الميلادى, لكن كان الشهر الثامن فى التقويم الرومانى إسمه أكتوبرتنسب إلى كلمة الثامن وهى “اكتو” بالرومانية.
وفى هذا الشهر وتحديدا يوم 29 أكتوبر1956 كان العدوان الثلاثى على مصر بهدف إسقاط الرئيس جمال عبد الناصروإعلان اسرائيل قوة وحيدة فى المنطقة, إلى جانب محاولات فرنسا وانجلترا إثبات أنهما مازالتا قوى عظمى ولكل منهما مكانتها العالمية, واستمرت الحرب من 29أكتوبر حتى23 ديسمبر1956, حيث تم إعلان الانسحاب الثلاثى من بور سعيد وانتصار الإرادة المصرية جيشا وشعبا وكان عيد النصر.
وفى 6أكتوبر 1973 كان يوم الارادة المصرية والنصر الوطنى الكبير, ورد الاعتبار للارادة المصرية بعد ماحدث فى 1967, حيث عبر الجيش المصرى ومعه قلوب كل المصريين بل والانسانية المتعاطفة معنا قناة السويس إلى سيناء, وهناك رفعنا علم مصر فوق أرضنا المحتلة, وكان نصر أكتوبر 1973 علامة فارقة فى تاريخ المنطقة.
استمرت حرب أكتوبر من السادس إلى السادس والعشرين من نفس الشهر, حيث تم إطلاق وقف النار, والبدء فى مفاوضات على أرض صلبة كما قال الرئيس السادات وقتها وتم تحرير سيناء وعودتها إلى السيادة المصرية.
ولعل من الضرورى أن أشير إلى حدث مهم يوافق يوم 14 أكتوبر حيث شهد هذا اليوم من عام 1973 أطول وأهم معركة جوية فى تاريخ البشرية وهى معركة المنصورة والتى انتصرت فيها طائرات مصر وصقورها الجوية على طائرات العدو, والتى كانت فى ذلك الوقت أكثر تطورا وحداثة. كانت الطائرة الأمريكية “فانتوم” وزميلتها “سكاى هوك”هما أقوى سلاح طيران, وكانت تمتلكه إسرائيل بدعم أمريكى كبير مقابل الطائرات “ميج” الروسية والتى برغم أنها أقل كفاءة وحداثة, إلا أن أبناء مصر الطيارين أثبتوا أن الإنسان هو البطل الأساسى, هذه المعركة ستظل علامة فارقة فى تاريخ الحروب الجوية فى التاريخ العسكرى برغم محاولات الاعلام الصهيونى عالميا التقليل منها, ونشر ادعاءات كاذبة ضد الروايات المصرية, غير أن الواقع والحقيقة يؤكدان أن اسرائيل فشلت فى تحقيق أهدافها وانسحبت من المعركة التى شاركت فيها أكثر من 160 طائرة فانتوم وسكاى هوك ضد حوالى 50 طائرة ميج مصرية ألى جانب قوات الدفاع الجوى المصرى.
كان الهدف الاسرائيلى من هذه المعركة واضحا وهو ضرب مطار طنطا الذى كانت به طائرات ميراج الفرنسية اشترتها ليبيا من فرنسا حيث كانت فرنسا قد أصدرت قرارا بعدم بيع الأسلحة لمصر, وتدرب على هذه الطائرات الفرنسية فى فرنسا طيارون مصريون بجوازات سفر ليبية, وكانت هذه الطائرات قادرة على ضرب العمق الاسرائيلى , وهى الطائرات الوحيدة التى كانت مصر تمتلكها أنذاك, وتستطيع ذلك , لكن الطائرات الاسرائيلية فشلت تماما فى الوصول إلى مطار طنطا, حيث جرت المعركة فى شمال شرق الدلتا, وتحديدا فى سماء منطقة بحيرة المنزلة ومركز دكرنس بمحافظة الدقهلية, وكان هدف إسرائيل من هذه المعركة إخراج مطار المنصورة من حرب أكتوبر, حيث كانت معظم الطائرات التى تهاجم العدو فى سيناء تنطلق من هذا المطار, وقد اعترف العدو آنذاك أنه فشل فى مهمته سواء فى مطار طنطا أو مطار المنصورة.
لم تكن هذه المعركة الجوية إلا واحدة من نماذج العطاء الإنسانى المصرى والجندى المصرى والضابط المصرى هو عنوان العطاء عبر التاريخ, وقد لاتكون مصادفة أن يفوز نجيب محفوظ الأديب المصرى العالمى بجائزة نوبل للآداب فى أكتوبر أيضا.
وعلى المستوى الشخصى, فإن شهر أكتوبر كان له دوما دلالات إنسانية ووقائع ومواقف إنسانية لاتنسى وستظل دوما فى الذاكرة, ففى هذا الشهر تكون عادة بداية السنة الدراسية, وفى هذا الشهر يبدأ الخريف وهو فى مصر كالربيع ينقصه رياح الخماسين وتألق الزهور.
وفى هذا الشهر رزقت بإبنتى يوم 26 أكتوبر1981تخرجت فى الجامعة الأمريكية وتعمل حاليا مهندسة فى مجال الإمداد والتموين, كما رزقنى الله بحفيدى عمرفى 7 أكتوبر,ثم أخيرا توفيت حماة إبنى رحمها الله يوم السبت الماضى 11أكتوبر, إذن هو شهرملىء بالأحداث الانسانية, وأعتقد أن كل شخص عاش هذه المتناقضات.
وحديث الموت هو حديث الروح, والروح من أمر الله, وهو وحده يعلم من يموت ومتى وكيف, ولاحول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم, لأن الموت هو الحقيقة الوحيدة التى لايستطيع إنسان أيا كان انكارها, فالكل إلى الموت , والكل إلى يوم البعث والحساب, وإذا كان شىء أمر من الموت فهو المرض وإن كان شىء أشد من المرض فهو الفقر مع المرض, وتلك حكمة عربية قديمة أكدت حقيقتها على مر الزمان أعاذنا الله وإياكم من المرض والفقر وفقدان الأحباء