
في مساء استثنائي من مساءات الشعر، استضافت خيمة المتنبي بالأحساء مدير بيت الشعر بالشارقة الشاعر محمد عبدالله البريكي، في أمسية شعرية أقيمت له مساء يوم أمس، السبت، أدارها رئيس خيمة المتنبي الشاعر جاسم الصحيح مفتتحا بالترحيب بالضيف الكبير وبالحضور الكريم، واصفا الضيف بالينبوع الشعري، معرّجا على أهم محطات سيرته الأدبية والإعلامية.
تضمنت الأمسية إلقاءَ نصوص شعرية مميزة، بدأها بتحية مهداة إلى الأحساء وإلى خيمة المتنبي، توالت بعدها النصوص الجميلة على امتداد الأمسية، كما تضمنت الأمسية حواراً شائقًا مع البريكي حول مسيرته وتجربته الشعرية، مستعرضا بعض الدراسات النقدية التي تناولت تجربته الشعرية الفريدة، وكذلك حول فكرة (بيوت الشعر) في الوطن العربي، وملتقيات الشعر في أفريقيا، واكتشاف المواهب الشعرية المغمورة. كل هذه المحاور وغيرها، إضافة لبعص أسئلة ومداخلات الحضور التي أضفت على الأمسية طابعاً فريداً، فقد حظيت الأمسية بمداخلة: د. يوسف الجبر، د. سعد الناجم، الشاعر عبدالمجيد الموسوي، الشاعرة تهاني الصبيح، الشاعر هاني الحسن، الكاتب أمير بوخمسين، الإعلامي سامي الجاسم، الكاتب والباحث الشيخ علي عساكر، د. عادل الحسين.
وقد حظيت الأمسية بحضور حافل من نخبة من الشعراء والأدباء، الذين توافدوا للاستمتاع بجمال القصائد وعمق الحوار.
تفاعل الجمهور بحماس كبير مع ما قدمه البريكي من قصائد متنوعة، عكست قوة المعنى وجمال الصورة، وتنوعت القصائد في مضامينها بين الذاتية والإنسانية والتأملية وقصائد الحب.
وفي الختام، كرمت خيمة المتنبي الشاعر البريكي بدرعٍ تكريمي تقديراً لمسيرته الشعرية الحافلة ومشاركته المميزة، وأهديت له لوحة بورتريه بريشة الشاعر الفنان إبراهيم الحاجي، ومجموعة من إصدارات خيمة المتنبي الشعريّة، وما هذا التكريم للأستاذ البريكي سوى تقدير لنشاطه وإثرائه المشهد الثقافي والأدبي الخليجي والعربي.
وتجلّى الشاعر البريكي في قراءته الشعرية التي تحدثت عن الاحساء وناسها ونخيلها وخيمة المتنبي وكما استحضر القيصر امرؤ القيس واسقاطها وقصائد أخرى حول الهم الإنساني والتفاصيل اليومية لمعاناة الإنسان على هذا الكوكب.
من قصيدة الإحساء نقتطف منها:
“تعلّقتُ بالصحراءِ مُنذُ “قِفا” كما
تعلَّقَتِ الأحْساءُ بالنَّخْلِ والرَّمْلِ
تساقطُّتُ فيها أحرفاً أنبتت جوىً
كما رطبٍ يحنو عليها من النَّخْلِ
وما نِمْتُ عنها غيرَ أنَّ وسادتي
تُهيئُ “هجْرا” في منامي وفي وصْلي
فقولوا لها: إنّٰ “الصحيّحَ” قد دعا
فجئتُ بوصلٍ قدْ تعسَّلَ من نحْلي”.
من قصيدة “حصيرٌ نابتٌ في الرمل” يقول فيها:
“ولَسْتُ نَبِيَّ هذا الشِّعْرِ لكنْ
وَهَبْتُ مَدامِعي لِلْكائناتِ
وصادَقْتُ المَضاربَ غَيْرَ أنّي
وَقَفْتُ مُبَجِّلًا للنّاطِحاتِ
ولَمْ أرِثِ السُّيوفَ.. وَرِثْتُ حَقْلاً
تَسَتَّرَ عَنْ جَحيمِ القاذِفاتِ
تُحارِبُ وَرْدَةٌ في الحَقْلِ عَنّي
وتَقْتَحِمُ البَوارجَ سُنبُلاتي”.
من قصيدة “رحلة أخرى إلى القيصر” نختار منها:
“لَـنْ تستقـِــــرَّ إذا ذَهَبْــــتَ لِقَيْصرا
فاعبُـــرْ خفيفــــاً في الفَـلاةِ مُبَشِّرا
وارجـِــعْ إلى أهْلِ الخيامِ ولُذْ بهم
أو دونَـــكَ الصَّحْراءُ كي تَتَشَنْفـــرا
قَــــدْ آنَ للرّملِ الذي سُفِكَـت عليــ
ـــــــــــــــــــهِ دِمــــاءُ بعضِ الخَلْقِ أن يتطهَّرا
ما زالَ فينــــا حاتَـــمٌ.. ولضيفِــــهِ
ذَبَـــحَ الحِصـــــانَ ولَمْ يَنَمْ مُتَكَدِّرا
مازالَ فينـــــا من إذا حَمِــيَ الوطيـ
ــــــــسُ يَهُــبُّ لِلْهَيْجــا ويُصبحُ “عَنْترا”
مازالَ فينـــــا الدَّمْــــعُ شفّافـــاً إذا
يَبْكــــي على السّجّــادِ يُصبحُ كَوْثَرا”.