المرأة والأسرةمنوعات وسوشيال

نقص معدن شائع قد يكون السبب الخفي وراء الزهايمر

0:00

في اكتشاف طبي جديد يحمل أملًا لعشرات الملايين من المصابين بمرض الزهايمر حول العالم، أظهرت دراسة حديثة أن نقص معدن الليثيوم في الدماغ قد يكون عاملًا حاسمًا في بدء وتفاقم هذا المرض العصبي المزمن.
الدراسة، التي استمرت لعقد من الزمن ونُشرت في مجلة Nature العلمية المرموقة، كشفت لأول مرة أن الليثيوم، وهو معدن يتواجد بشكل طبيعي في الدماغ، يلعب دورًا أساسيًا في الحفاظ على صحة الخلايا العصبية ووظيفتها السليمة، كما يمنع تدهور الأعصاب.

المعدن النادر في الدماغ
قام فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة هارفارد بقيادة الدكتور بروس يانكنر بدراسة مستويات المعادن في الدماغ وعينات الدم لدى مجموعات متنوعة من الأشخاص، شملت الأصحاء إدراكيًا، ومرضى يعانون من بداية تدهور إدراكي، بالإضافة إلى مرضى الزهايمر المتقدم. وقد أظهر التحليل الكيميائي المتقدم باستخدام تقنية مطيافية الكتلة أن الليثيوم كان المعدن الوحيد الذي تختلف مستوياته بشكل ملحوظ بين هذه المجموعات.
وأوضح الباحثون أن انخفاض مستوى الليثيوم في الدماغ كان مرتبطًا بشكل مباشر بتدهور الذاكرة والوظائف الإدراكية. في التجارب على الفئران، أدى نقص الليثيوم إلى تسريع تدهور الذاكرة بشكل ملحوظ، مما يعزز الفرضية أن لهذا المعدن دورًا وقائيًا هامًا ، وفقا لـ” إندبندنت”.
وكشفت الدراسة أن نقص الليثيوم قد يحدث نتيجة لضعف امتصاص المعدن أو ارتباطه باللويحات النشوية (Amyloid plaques)، وهي أحد العلامات المميزة لمرض الزهايمر والتي تتسبب في تلف خلايا المخ. ويعتقد الباحثون أن هذا الارتباط بين الليثيوم واللويحات قد يفسر سبب تدهور صحة الخلايا العصبية وظهور أعراض المرض.
أوروتات الليثيوم

بينما كان الليثيوم يستخدم لعقود كدواء لعلاج الاضطرابات النفسية مثل الاضطراب ثنائي القطب، إلا أن الجرعات المستخدمة غالبًا ما تكون عالية ومصاحبة لآثار جانبية، خاصة عند كبار السن.
من جهة أخرى، أظهرت الدراسة فاعلية نوع جديد من مركبات الليثيوم يسمى “أوروتات الليثيوم”، الذي يمكن أن يتجاوز تأثير اللويحات النشوية ويعيد تحسين الذاكرة عند الفئران، وذلك باستخدام جرعات تقل بحوالي ألف مرة عن الجرعات التقليدية، ما يعادل مستويات الليثيوم الطبيعية في الدماغ.

ويؤكد الباحثون أن هذه النتائج تفتح بابًا جديدًا نحو علاجات أكثر أمانًا وطبيعية للوقاية من مرض الزهايمر أو التخفيف من أعراضه.
تسلط الدراسة الضوء على أهمية قياس مستويات الليثيوم كأداة محتملة للكشف المبكر عن مرض الزهايمر، ما قد يسمح بتشخيص الحالة قبل ظهور الأعراض السريرية بشكل واضح، وهو ما قد يحدث فرقًا كبيرًا في نجاح العلاج والوقاية.
رغم النتائج المشجعة، يؤكد الباحثون على الحاجة إلى إجراء تجارب سريرية بشرية خاضعة للرقابة لتقييم مدى فعالية وأمان استخدام أوروتات الليثيوم في علاج مرض الزهايمر.
ويشير الدكتور يانكنر إلى ضرورة الحذر في تفسير النتائج المبنية على نماذج الفئران، مع التأكيد على الأمل الكبير الذي تمثله هذه الدراسة في تغيير فهمنا للمرض.
يشكل مرض الزهايمر تحديًا صحيًا عالميًا، إذ يصيب أكثر من 400 مليون شخص حول العالم، ولا تزال أسبابه وأفضل طرق علاجه غير واضحة تمامًا. تمثل هذه الدراسة إضافة مهمة لفهم البيولوجيا المرضية للزهايمر، حيث تقدم تفسيرات جديدة تتجاوز النظريات التقليدية التي تعتمد فقط على وجود لويحات أميلويد وتشابكات بروتين تاو.
وتفتح هذه الدراسة الرائدة آفاقًا جديدة لعلاج وتشخيص مرض الزهايمر، عبر التركيز على المعدن الطبيعي المهم في الدماغ، والذي ربما يكون الحلقة المفقودة في سعي الطب لمعالجة هذا المرض العصبي المعقد

زر الذهاب إلى الأعلى