مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : صلابة الموقف المصري وخفايا التهديدات والتحديات

0:00

كان اسبوعا مليئاً بالأحداث والمشاهد المثيرة، والتصريحات الأمريكية التي تناقضت واختلفت مع بعضها اكثر ما توافقت ..كما شاهدنا رسالة التخويف التي ارسلتها امريكا ورد. مصر الفوري عليها ، والرغبات الاسرائيلية المجنونة ومكائدها لإفشال المفاوضات وعدم اكمالها وسعيها الحثيث لمواصلة حرب الابادة والتهجير بعدما أعطاها ترامب الضوء الأخضر .. وعلي الجانب الآخر رأينا التشدد الحمساوي الذي يحقق التمنيات والتوجهات الاسرائيلية ويسير في نفس اتجاهها ، ومشاهد الاستعراضات المهيبة ، والشعارات الاستفزازية التي استفزت مشاعر الاسرائيليين ويمينهم المتطرف وزادت النفوس التهاباً والنار اشتعالاً … ناهيك عن التصريحات المتضاربة والمتناقضة للقيادات الحمساوية الذين يعيشون في قصور وفنادق الخارج يحتفلون بانتصاراتهم الوهمية ويتمسكون بمناصبهم واستمرار سلطانهم علي انقاض غزة وركامها وجثث ابنائها.

وكانت بداية التهديدات الصريحة قيام امريكا باستعراض قوتها ، وتخويف المنطقة كلها وترهيب مصر وأرسلت سرباً من ٨ طائرات (يضم أخطر واقوى طائرتين قاذفتين نوويتين في العالم ، ويحرسهما ٣ مقاتلات F15 ، بالإضافة الي ٣ طائرات لتزويدهم بالوقود في الجو ) .. وقد تمكن السرب من عبور المجال الجوي لحوالي٩ دول دون أي رصد أو تعامل .. لكن الرادارات المصري تمكنت من رصده حددت خط سيره .. بالقرب من جزيرة سردينيا في البحر المتوسط .. وحذرتهم من الاقتراب من المجال الجوي المصري .. ولكنهم تجاهلوا التحذير واستمروا بالطيران بعدما خفضوا ارتفاعاتهم وسرعتهم للتمويه.. وقبل دخولهم الأجواء المصرية تفاجئوا بوجود عدد من القاتلات المصرية تحيط بهم وتأمرهم بالابتعاد .. وعندئذ طلبوا الموافقة علي السماح لهم بعبور المجال الجوي المصري ( وفقاً لما يجري العمل عليه ) وكان الرد الفوري هو الرفض وتهديدهم بالابتعاد حتي لا يتم التعامل معه كقوة معادية .. وبالفعل اجبروا على تغيير خط السيروابتعدوا وتوجهوا غرباً بمحاذاة سواحل البحر المتوسط . ..وبحمد الله وفضله تمكنت القوات المسلحة المصرية من الرد الفوري علي تلك الرسالة بصورة جريئة وقوية ادهشت كل الأطراف.

وكان هناك مشهداً اخر يجب التوقف عنده والتعمق في احداثه المثيرة للدهشة .. وهو ما حدث لحاملة الطائرات ” هاري ترومان” خلال إبحارها ليلاً بالقرب من بورسعيد واصطدامها ( بغرابة شديدة) بأحدي البواخر التجارية.. مما سبب اضرار محدودة استدعت قيام حاملة الطائرات بتغيير خط سيرها والتوجه لليونان للإصلاح .. واعلنت قيادة البحرية الأمريكية بعدها اعفاء قائد الحاملة من منصبه وتعيين قائداً آخر بديلاً له …وتواترت تسريبات عن قيام جهة مجهولة باستخدام أجهزة تشويش متطورة جداً تمكنت من تعطيل الاجهزة الملاحية والالكترونية للحاملة وهو ما ادي لوقوع الحادث .. ( ولا تعليق)

كما شكلت الزيارة المفاجئة لرئيس الكونجرس اليهودي العالمي الذي اوفدته اسرائيل لمصر لتهدئة التوترات السياسية والحدودية بين البلدين ، والشكوى من الهجوم المتواصل علي اسرائيل من ( اليوتيوبرز المصريين ) والرغبة في تحاشي حدوث مواجهات عسكرية بين الجانبين… وتحدث الاعلام الاسرائيلي عن نتائج الزيارة مشيراً الي ان الرئيس السيسي أكد علي ثبات الموقف المصري ، وعبر عن غضبه البالغ من تصريحات المسئولين والاعلام الرسمي الاسرائيلي، وقدم تسجيلات لتصريحات استفزازية لهم وخصوصاً التصريحات العدائية الاخيرة لسفير اسرائيل في امريكا … وهو ما تفاجئ به الضيف وأحرجه واستنكره ، واضطره للوقوف امام الكاميرات بوجه عابث يقرأ تصريحات مكتوبة تشيد بمصر ومواقفها ، وترفض التهجير، ولا تمانع في حل الدولتين وهو ما اعتبره اغلب المراقبين علامة تعجب لتناقضها التام مع مواقف اسرائيل العلنية .

وتفاءل الكثيرون( ولست منهم ) بتراجع الرئيس ترامب عن تصريحاته بشأن غزة واستبشروا بحدوث تغييراً حقيقياً في موقفه .. نظراً للدعم العربي والدولي لخطة مصر البديلة .. وتوقعوا قيامه بالضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب وقبول الخطة المصرية .

ورأي آخرون ( وانا منهم ) ان ذلك التراجع يتعارض تماماً مع ما يحدث علي الأرض.. واتصور انه كان تبادلاً للأدوار ، ومناورة تكتيكية لتفادي الانتقادات الدولية الحادة التي وجهت له.. وتأثيرها السلبي علي شعبيته وعلي مكانته الدولية .. حتي لا يتسبب ذلك في احراج بالغ لزعماء دول الخليج الغنية ..بما يؤثر سلباً علي تدفقاتهم المالية التي يطمع فيها وهوما جعله يسارع بإرسال رسالة تهدئة وتطمين لهم قبل اجتماعهم ، وقبيل زيارته المرتقبة للرياض .. وكان قراره بالتراجع خطوة للخلف تاركاً المهمة لنتنياهو ليتصدر المشهد ويتلقى الانتقادات.. علي ان يقوم بفتح مخازن اسلحته ، واطلاق العنان له ويدعمه ويسانده في قراراته بكل قوة .. وهو ما نراه يجري حالياً .

وعلي الرغم من التفاف الزعماء العرب علي خطة اعادة الاعمار التي عرضتها مصر.. الا ان مواقفهم وآرائهم اختلفت تماماً بشأن الضمانات المطلوبة للتأكد من التزام حماس وموافقتها واسرائيل علي انهاء الحرب وضمان عدم استئنافها مجددا تحت اي ظروف.. والتزام حماس بالابتعاد والتخلي عن تواجدها في ادارة غزة ، ، وهي شروط حساسة يؤيدها العالم اجمع .. وترفضها علي الاطلاق كل الدول المانحة .. وهي مهمة ثقيلة صعبة وضعوها علي كاهل المفاوض المصري .

واسمحوا لي بكلمة اخيرة للقادة الفلسطينيين .. توشك الترتيبات النهائية لتصفية القضية علي الانتهاء .. ولايزال شعبكم المغلوب على أمره يقاسي في العراء ويموت اطفاله من البرد القارس ، ويجهزون خطط التهجير، والاستيلاء علي غزة وضم الضفة .. بعدما ضاعت سوريا ، واحتلوا جنوب لبنان ، ومزقوا اوصال حزب الله ، حتي ايران ضربوها واهانوها ، وتتعرض الحدود المصرية والاردنية لتهديدات جسيمة ، ويرسمون الخريطة الجديدة للشرق الأوسط … وانتم علي عهدكم .. تتقاتلون من أجل مصالح سياسية خاصة ، وتتعاركون من اجل الاستئثار بسلطة الحكم علي شعوب شردت ، وأوطان دمرت ، وأراضي لم تحررون شبراً واحداً منها .. لكنكم تضيعون ما تبقي منها .

كفاكم .. ارحموا شعبكم وارحمونا … يرحمكم من في السماء .

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى