اللواء مروان مصطفى يكتب : لك الله يامصر .. والله يرحمك يا سادات
لقد كانت رسالة الرئيس ترامب التي حملها مبعوثه الخاص لنتنياهو واجباره علي وقف الحرب وانجاح مفاوضات اتفاق مشرف لإطلاق سراح الرهائن قبل دخوله للبيت الابيض هي علامة تاريخية فارقه ومفاجأة صادمة كبرى قضت على احلام نتنياهو واليمين الاسرائيلي المتطرف واطماعهم التوسعية لتهجير الفلسطينيين الي سيناء وتنفيذ صفقة القرن التي حاول ترامب تنفيذها خلال فترته السابقة .. وفي واقعة فريدة خرج وزير الخارجية الأمريكي وأعلن صراحة انه (على اسرائيل التخلي عن احلام اسطورة قدرتها على ضم الأراضي بقوة الامر الواقع ، وإنها خلال السنوات العشر الماضية قد وسعت المستوطنات وضمت الأراضي بوتيرة أسرع من اي وقت مضي ).
لقد كان تحولاً لم يتوقعه أحد وخصوصاً الإسرائيليين الذين توهموا انه سيساعد في توسيع مخططاتهم التوسعية ،ولا يمانع من عملية التهجير لسيناء ، وهو ما دعا الاعلام الاسرائيلي الي تكثيف الهجوم علي نتنياهو واتهامه بالفشل والهزيمة ،كما اتهموا مصر بانها لم تكن وسيطاً عادلاً .. وانها لعبت دوراً خفياً من خلال اتصالاتها مع الرئيس ترامب من خلف الستار الذي تبنى رؤيتها بما أفشل خطط اسرائيل ..لرغبته في تحقيق السلام في الشرق الأوسط ….وقبل ان يتولى منصبه .. أجبر نتنياهو علي الإذعان الفوري لإيقاف الحرب (وهو ما فشل فيه بايدن وكل زعماء العالم ) وهو بالتأكيد مؤشراً واضحاً علي مدي قوته وسطوته واسلوب قيادته للعالم في الفترة المقبلة .. ترامب الحالي يختلف تماماً عن ترامب السابق وخصوصاً بعدما دخل التاريخ الامريكي واصبح لديه تفويضاً شعبياً كاملاً وامتلك الأغلبية المطلقة في الكونجرس ومجلس الشيوخ والمحكمة الدستورية العليا .
انها بالتأكيد سوف تكون حقبة ترامب .. التي سيخلق خلالها اوضاعاً سياسية واقتصادية جديدة واستراتيجيات وتحالفات مختلفة منطقتنا العربية والشرق الاوسط.. ويجب ان نعلم انه شخصية قوية حازمة وصارمة لا تقبل بالاختلاف معها ، ويحترف عقد الصفقات السياسية والاقتصادية التي تأخذ قبل ان تعطي ، وتصادق قبل ان تعادي .
ان هذا الواقع الجديد يفرض علينا التعامل بحكمة ومرونة سياسية ، وان نتوافق بصورة اكبر مع مبادئ الديمقراطيات السائدة ،وان نعمل علي تحسين صورتنا الذهنية في الامور الضاغطة وخصوصاً فيما يتعلق بالحريات الأساسية ومبادئ حقوق الإنسان ، والتحدث باللغة التي يفهمها العالم ، وان يكون. هناك قدراً أكبر من الحنكة والدهاء السياسي الذي يتيح لنا حرية الحركة والمناورات في مواجهة المؤامرات والتهديدات التي تحيط بنا .
وفي النهاية هناك كلمة حق لابد ان نتوقف امامها .. لقد استشهد في هذه الحرب اكثر من ٤٥ الف من المدنيين الابرياء ،وأصيب فيها حوالي ١٥٠ الفاً ، وتعرض شعبها واطفالها لأكبر مأساة انسانية في التاريخ الحديث ، وتم تدمير ٨٠% من قطاع غزة وتحتاج الي اكثر من ٨٠ مليار دولار لإعادة اعمارها ، وأضعفت حماس ويصعب قبول عودتها للحياة السياسية ، كما تم تدمير حزب الله واجتياح الجنوب اللبناني ، وانهارت سوريا وتقطعت اوصالها ، ودمر جيشها ، واهُديت الجولان بكاملها لإسرائيل .
وامام تلك المشاهد الحزينة والأحداث التاريخية المروعة .. يجدر بنا جميعاً التوقف لمحاسبة أنفسنا ونحدد مسئوليتنا نحو تلك التصرفات والقرارات التي اضرت بالقضية وبالشعب الفلسطيني اضراراً بالغة .. ولعله من المناسب ان نتذكر بكل الخير الرئيس الراحل انور السادات الذي انتصر علي اسرائيل ثم جنح للسلام بعدها.. وتمكن من ان يطرح علي مائدة التفاوض يوم ٢٦ مارس ١٩٧٨بفندق ميناهاوس بالقاهرة… امكانية استرجاع كامل الجولان ، وكل غزة واريحا ، و٤٢% من مساحة الضفة الغربية بما فيها القدس كلها .. لكنهم اعتبروها خيانة عظمي للقضية وللعروبة .. ولم يأتي منهم أحد.. واغتالوه .. وقرروا أن تحرر القدس يبدأ من تحرير القاهرة.. وللأسف الشديد حتي الآن لم يذهب منهم أحد الي القدس التي اصبحت عاصمة لإسرائيل … و بعد كل ما فقدوه وما خسروه .. ويهللون ويكبرون فارحين بنصرهم ..ولايزالون علي حالهم يسبون مصر ويشتمون شعبها ..ولايزال التاريخ يكرر نفس أخطاءه .
أليس من بينكم رجلاً راشداً أوعاقلاً ..
” لك الله يا مصر، واحسرتاه على شعب فلسطين ، والله يرحمك يا سادات ”
لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب