راندا الهادي تكتب : لا تقرأ هذا المقال

نعم لقد مارست معك إحدي الخدع النفسية في عنوان المقال ، فالممنوع مرغوب للنفس البشرية. أما بعد؛هل لاحظت يوما أنك عندما تركز على إيجاد شيء نسيت مكانه فإنك لا تجده! ،أم لاحظت أنك عندما تحاول تذكر اسم شخص محدد تعجز عن تذكره وكأنه مُحي من الذاكرة ، إذن لعلك سمعت والدتك أو جدتك وهي تقول لك انساه وستجده ، أو طالما بتدور عليه استحالة تجده.
جميعنا بدون استثناء تعرض لهذا الموقف مراتٍ عديدة ، ولكننا لا نقف مرة لسؤال أنفسنا لماذا يحدث ذلك دومًا معنا؟!! .
الدكتور جوزيف ميرفي طرح في كتابه ( قوة العقل الباطن) قانونًا أسماه قانون الجهد المعكوس، القانون يقول: «عندما تكون رغباتك وخيالك متعارضين فإن خيالك يكسب دون خلاف» ما معنى هذا الكلام؟! ، معناه أن التركيز المُفرط على تحقيق هدف ما قد يُعيق الوصول إليه. أو بمعنى آخر، كلما بذلت جهدًا واعيًا أكبر للوصول إلى شيء ما، قلّت احتمالية تحقيقه.
تعالوا نقدم إليكم تفسيرًا ساقه الكاتب الإنجليزي ألدوس هكسلي في كتابه (بوابات الإدراك)لظاهرة الجهد المعكوس حيث قال: حين نتكلّف ونُفرِط بشكل هاجسي ومأزوم لتحقيق شيء ما، فإنّنا غالبًا سنخسره أو سنحصل على نقيضه تمامًا! فمثلًا أفضل طريقة كي تنام، هي أن تفكّر في شيء آخر غير النّوم، لأنه كُلّما فكّرت أكثر بأنّك (ينبغي أن أنام) كلّما اشتدّ الأرق وامتنع النوم!
نفس الأمر على المستوى التربوي ،إنّ الآباء المهووسين كثيرًا بتربية أبنائهم وتصويب سلوكياتهم بطريقة عصبية وعنيفة، هُم أكثر الآباء إفسادًا لأبنائهم وشخصياتهم!، كذلك الأزواج الذين يحاولون السيطرة على العلاقة الزوجية وتفاصيلها بطريقة جنونية، من باب حمايتها والحرص عليها، هُم أكثر الأزواج الذين تنتهي علاقتهم بالانفصال!
إذن ماذا نستفيد من هذا القانون العجيب ؟ هل نتعلم اللامبالاة حتى تأتي لنا الأشياء كما نريد ؟ أم نركن التخطيط وتحديد الأهداف والاستراتيجيات على جنب ونترك للحياة حبلها على الغارب ؟!! بالطبع لا فهذا منافي للعقل والمنطق معًا ، الهدف أن لا نمارس دور الإله على من حولنا ، ولا نركز في كل التفاصيل ،ونترك دومًا مجالًا للخطأ ومساحةً للتسامح والتغافل والتخلي .
قانون الجهد المعكوس يتوافق كثيرًا مع طبيعتنا البشرية السليمة ، فهو يلعب دور المكابح في وجه الرغبة اللامنطقية في المثالية والكمال ، فالكمال لله وحده . لذا توقع الخطأ وتقبل النسيان وكن متصالحًا مع النقص حتى لا ترهق نفسك والمحيطين بك .