مقالات الرأى

اللواء مروان مصطفى يكتب : لماذا صمتت مصر عن موضوع العرجانى ..؟

0:00

مصر الان في مرحلة حرجة ودقيقة جداً في تاريخها الحديث.. فهي علي مشارف مواجهة عسكرية مع عدو مجنون منفلت ، تؤيده وتدعمه سياسياً وعسكرياً ، وتحميه وتؤمنه الاساطيل الأمريكية والبريطانية وأغلب دول اوروبا التي تحاصرنا من كل الجوانب .. وتساندهم بكل قوة وفجور وبلا اي حياء .
هي بكل تأكيد فترة عصيبة تتطلب منا جميعاً الوقوف خلف دولتنا وجيشنا وقفة رجل واحد في صلابة وتماسك وجلد .. وان نتغاضي مؤقتاً عن خلافاتنا الداخلية وتأجيل الانتقادات للحكومة بشأن الازمات التي نعيشها .. كما تفرض علينا الحذر واليقظة الشديدة لنواجه ونتصدي لكل محاولات التشكيك المنتظرة للتأثيرعلي معنوياتنا وتهدف لتفتيت جبهتنا الداخلية ، ولإفقادنا الثقه المطلوبة في قرارات حكومتنا ، وقدرات جيشنا .
كما يتطلب الامر من الحكومة .. وبنفس القدر التعامل بحنكة سياسية اكثر مما تتعامل به .. لكي تخفف عنا الضغوطات الاقتصاديه والنفسية والمعيشية الصعبة التى نعيشها حالياً .. كما يتحتم عليها انارة الطريق للمصريين حول الاوضاع الراهنة .. والبعد عن استراتيجية التعتيم الاعلامي علي الاحداث والامور الهامة .. ولا تتركنا فريسة للاعلام الخارجي ، ولأكاذيب وضلالات الكارهين والحاقدين ، وتجار القضية الفلسطينية ، وكتائبهم الإلكترونية المعادية وعليها ان تبتعد عن اسلوب التعالي في عدم الاهتمام او الالتفات لتساؤلات واهتمامات الرأي العام بشأن قراراتهم ، أو ما يشغل بالهم في هذه اللحظات الحرجة . ..وانا اعلم تماماً ان من حق الدولة وواجبها في احيان معينة وفي ظروف خاصة يمكن لها عدم الافصاح أو التحدث او تناول قرارات استثنائية وتحركات سياسية وعسكرية في مثل هذه الظروف تتعلق وترتبط ارتباطاً وثيقا بالأمن القومي .
ومثال ذلك .. ما أثير بشأن اعلان اتحاد القبائل العربية واختيار العرجاني رئيساً له … فقد صمتت الحكومة ( كعادتها دوماً ) وتجنبت ايضاح الامر وأسبابه ودوافعه وتركت المهمة لبعض إعلاميها الذين تناقضوا وتلعثموا في ايضاح الامر بغرابة
شديدة أدت الي زيادة الغموض والشكوك بدلاً من ان تزيلها .. وطبعاً تركت الساحة خالية تماماً للشائعات والاكاذيب التي أثارت الشكوك والظنون بكبار مسئولينا .
وبحثت بلا كلل عن اجابة للسؤال الذي يشغل ذهن المصريين .. لماذا اتحاد القبائل العربية ، ولماذا العرجاني ، ولماذا يتجنب المسئولين التحدث عنه ..؟
اقولها مبدئياً ويعلم الله وحده .. انني لا أقصد الدفاع عن اي من الأطراف ، ولا أنوي تحسين الصورة الذهنية لأحد ، ولا أزايد علي بلدي ، كما لن أدعي العلم ببواطن الامر وكواليسها وخفاياها … لكنني بكل الصدق والحيادية أقول لقد شعرت ان هناك اسباباً منطقية ومعقولة دعت الدولة لانتهاج هذا الاسلوب ، ..وهو ما دفعني وحمسني بشدة للاستقصاء والبحث للتعرف علي أسباب ذلك … الى ان توصلت لرؤية خاصة تكونت باجتهاد شخصي.. من زاوية مختلفة قد يراها البعض منطقية وقد يراها الكثيرون غير ذلك.

كلنا نعلم تماما ان ابراهيم العرجاني شيخ قبيلة الترابين وهي من أكبر قبائل سيناء واصبح واحداً من أكبر نجوم المال ورجال الاعمال في مصر، يمتلك العديد من الشركات والمصانع الكبرى في مصر، ويتمتع بنفوذ كبير في أوساط القبائل العربية في شمال سيناء وجنوبها ، وكان له في السابق خلافات شديدة مع جهاز الشرطة بسبب مقتل شقيقه في احد الكمائن الشرطية بمنطقة سيناء ، وهو ما أدي الي سجنه لمده سنتين .. وكما يعرف الجميع انه قام بتوحيد صفوف شباب وشيوخ قبائل سيناء لمواجهة الارهاب.. ونجح في ان يلعب دوراً وطنياً بارزاً ، في كشف الانفاق ونجح في تحشيد الشباب السيناوي وتشجيعه للتعاون والتحالف مع الجيش المصري في تتبع الجماعات المسلحة والابلاغ عن اوكارهم ..الذين تم تجنيدهم وادخالهم لسيناء ، ومولوهم وسلحوهم بأحدث الأسلحة والمعدات لإنشاء (ولاية سيناء المستقلة) ، وانشأوا لهم أحدث وأكبر غرفة عمليات واتصالات متصلة بالأقمار الصناعية في منطقة حصينة بجبل الحلال ، تمهيدا لتهجير الفلسطينيين اليها ..
والحمد لله وبفضله .. فقد تمكنت قواتنا المسلحة الباسلة وبمعاونة الأوفياء من ابناء سيناء ، وتضحيات ودماء الشهداء من القضاء عليهم ، وافشال المخطط الذي يحاولون تنفيذه حتي وقتنا الحالي .
وفي اطار التكريم ، ورد الجميل .. قامت الدولة بتعيينه كعضو في الجهاز الوطني لتنمية سيناء في نوفمبر عام ٢٢ بعدما اختارته القبائل السيناوية رئيساً لاتحاد قبائلها .. ورمزاً وطنياً لشبابها الذين التفوا من حوله .. وهو ما اتاح له فرصاً كبيرة لانشاء شركات للتجارة والمقاولات يعمل فيها الآلاف من أبناء سيناء.
هذا ما نعلمه جميعاً .. أما ما قد توصلت اليه من معلومات ( مؤكدة ) قد لا تكون معلومة للجميع ..واعتقد انها تشكل سبباً رئيسياً لقرارالدولة في هذا التوقيت .. ويرجع ذلك لرغبة مصر بالتصدي للتحركات الاسرائيلية الأخيرة لاستقطاب بدو النقب ، وقيامها بالتحالف مع القبائل والعشائر العربيه بصحراء النقب وعلي رأسهم ( قبيلة الزيادنة ) والتي تعد من اكبر القبائل العربية ولها حدودا متلاصقة ومباشرة وامتداداً طبيعياً لسيناء.
وما يؤكد صحة ظنوني هو قيام (الشيخ علي الزيادنة شيخ القبيلة ) بإقامة مأدبة افطار ضخمة بقرية زلفة في رمضان الماضي .. حضرها (بيني غانتس عضو الحكومة الاسرائيلية ووزير الدفاع الاسبق) كما حضرها ( افيخاي ادرعي المتحدث الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي ) ، وبعض أعضاء الكنيست الاسرائيلي وعدد من قيادات وضباط وجنود جيش الاحتلال .. وهو ما اعتبره المحللون رسالة إسرائيلية سياسية وعسكرية مباشرة ومقصودة لإظهار تأييد عرب النقب وتضامنهم معها .
والاخطر من ذلك ما قامت به الخارجية الاسرائيلية في (اشراك وضم الشيخ علي الزيادنة ) للوفد الاسرائيلي الرسمي المشارك في جلسات مجلس الامن في ١١ مارس الماضي بهدف دعم جهود اسرائيل في الأمم المتحدة لاستمرار حرب غزة وقام علي هامشها بالهجوم الشديد علي رياض منصور المندوب الفلسطيني ، بعد اتهامه لحماس بالإرهاب لتعديها علي المدنيين الاسرائيلين الأبرياء..في احداث ٧ اكتوبركما قامت بأسر ٤ من أبناء القبيلة من العاملين في المستوطنات الاسرائيلية .. وافرجت بعد ذلك عن ٢ منهم ضمن دفعة الاسري الاسرائيليين الذين سلمتهم حماس لاسرائيل في نوفمبر الماضي.
وما أكد ودعم صحة توقعي اكثر ( ما نشرته صحيفة اسرائيل هيوم بقلم محللها السياسى شاهار كليمان ) الذي تسائل عن سبب قيام مصر بتوحيد قبائل سيناء بقيادة العرجاني .. وقال ان هناك في اسرائيل من يخشى من اطلاق هذا الكيان الجديد الذي يدعمه الرئيس السيسى ، وانه يري ان الهدف الرئيسي لهذا الكيان هو خلق اطار يضم أبناء القبائل .. ويوحد اطرافهم المختلفة في المنطقة تحت قيادة واحدة لها القدرة علي التعامل مع التهديدات الأمنية المتوقعة في سيناء .

هذه قناعتي التي توصلت اليها ووفقاً لرؤيتي الشخصية الموضوعية دون تزلف او انحياز. وأري ان مصرلم تكن تستطيع ايضاح تلك الخبايا والخلفيات التي دعتها لاتخاذ هذا القرار أو حتي ان تشير اليه من قريب أو بعيد لأسباب ودواعي سياسية وأمنية وعسكرية مفهومة ونقدرها جميعاً .. وتحملت في صمت وسكون ماحدث من هبد ومهاترات ، ولم تلتفت(كعادتها الدائمة) للزوابع التي اثارت تلك الظنون والشكوك حفاظا علي امنها القومى .. وهوما لم نفطن اليه ، ولم نأخذه في الاعتبار

يارب يحفظ مصر وشعبها وينصرها ..
انه نعم الولي ونعم النصير.

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب

زر الذهاب إلى الأعلى