مقالات الرأى

مدحت عطا يكتب : “أقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها”

من أشهر الأمثلة الشعبية فى الوطن العربى وخاصة مصر وأن أختلفت اللهجات والعادات وشهرته ترجع إلى صلة طرفى المثل أى الشبيه والمتشبه به الأبنة والأم ومدى تأثر العلاقة من حيث الطباع والتصرفات بينهما مع الآخرين ومما لاشك فيه إن هناك نماذج كثيرة تُمتدح ويُثنى عليها كثيراً من قوة هذه العلاقة وتأثرها تماماً من حيث الشكل والمضمون وخاصة عندما تكون الأم إنسانة بمضمون الكلمة ومعانيها الجميلة وتفعل البنت معظم تصرفات الأم الطيبة والعاقلة أى تتشبه بها وهى مقتنعة بهذه الصفات الحميدة…!!!
ويقال هذا المثل كثيراً على لسان الحموات لزوجات أولادهم فى بعض المواقف بصورة فيها الكثير من الأقتناع الطيب من الحماة لهذه الزوجة وأحياناً كثيرة العكس فى حالة توبيخ الحماة لهذه الزوجة والتى تظهر لها طباع وتصرفات سيئة شبيهه بتصرفات الأم كما تعتقد…!!!
ولهذا المثل روايتان وقد تكون أحداهما قريبة للواقع كما أعتقد الرواية الأولى وهى أكثر دقة ويروى أن هذا المثل يعود إلى عصر الدولة العثمانية فالأولى تقول أن الفتيات قديماً كُن ممنوعات من صعود سطوح المنزل وكان قاصراً على النساء المتزوجات فقط ويقال أن الأم كانت تصعد لتنشر الغسيل فوق السطح وعندما تحتاج إلى أبنتها تقوم بقلب القِدرة على فمها فتحدث صوت مرتفع تسمع الفتاه فتطلع إلى والدتها ومن هنا جاء المثل “اكفى لقدرة على فمها تطلع البنت لأمها” أما الرواية الثانية فتقول أن هناك صانع لقدِر الفول كان يعمل بمساعدة زوجته التى دائماً ما كانت تسقط القِدر وتتلفها فتكرر الأمر أكثر من مرة فطلقها وطلب من أبنته مساعدته فكررت ما فعلته أمها وسقطت منها القدور فقال عنها “اكفى القدِرة على فمها تطلع البنت لأمها”
وأُخذ هذا المثل الشعبى كمثال دارج فى مجتماعتنا العربية وخاصة المصرية بتشبيه أى تصرف للبنت كتصرف أمها ودلالة على تربيتها وبلاشك فيه أن هناك بعض الأمهات الفُضليات التى تعلم بناتها معظم المعانى الجميلة والمحترمة والتى تنطلى على كل من تتعامل معهم فى حياتها من زوج أو مجتمعات العمل أو الجيران وغيرها ولكن هناك طرف آخر من المعادلة وهى الأم السيئة التى تتصرف أمام بناتها بطرق غير دينية أو إنسانية أو محترمة ولأن أذكر أمثلة لأن الموبقات كثيرة وعظيمة تعلمها الأم للبنت وأعوذ بالله وهذا النموذج للأسف منتشر فى هذا العصر الذى نحياها بصورة كبيرة والنتيجة كمية من النساء المطلقات وأولاد مشردين فى الشوارع نتيجة لسوء أخلاق الأم…!!!
ولايفوتنى فى هذه المقالة إلا أن أذكركم بنصائح إمامة بنت الحارث الشيبانيه إحدى فصيحات العرب فى الجاهلية وهى زوجة عوف بن محلم الشيبانى أحد أشراف العرب إلى أبنتها عندما زوجتها إلى عمرو بن حجر أمير كنده باليمن فقالت لها أى بُنية إنك فارقت الجو الذى منه خرجت والوكر الذى فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فأصبح بملكه عليك ملكاً فكونى له أمة يكن لك عبداً وأحفظى عنى خصالاً عشراً تكن لك دركاً وذخراً…!!!
فأما الأولى والثانية فالمعاشرة له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة فإن فى القناعة راحة القلب وحسن السمع والطاعة رأفة الرب وأما الثالثة والرابعة فلا تقع عيناه منك على قبيح ولايشم أنفه إلا أطيب ريح وأعلمى أى بُنية أن الماء أطيب الطيب المفقود وأن الكحل أحسن الحسن الموجود وأما الخامسة والسادسة فالتعهد لوقت طعامه والهدوء عند منامه فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة وأما السابعة والثامنة فالأحتفاظ بماله والرعاية على حشمه وعياله فإن الأحتفاظ بالمال من حسن التقدير والرعاية على الحشم والعيال من حسن التدبير وأما التاسعة والعاشرة فلا تفشى له سراً ولا تعصى له أمراً فإن أفشيت سره لم تأمنى غدره وإن عصيت أمره أوغرت صدره وأتقى الفرح لديه ان كان ترحاً والاكتئاب إذا كان فرحاً فإن الأولى من التقصير والثانية من التكدير وأعلمى أنك لن تصلى الى ذلك منه حتى تؤثرى هواه على هواك ورضاه على رضاك فيما أحببت أو كرهت والله يخير لك بخيرته ويصنع لك برحمته فلما حملت إليه غلبت على أمره وولدت له سبعة أولاد ملكوا بعده…!!!
أنظروا إلى وصية أم عاقلة تحب الخير لأبنتها بالرغم إنها ولدت فى عصر الجاهلية وليس الإسلام ولكن نصائحها من ذهب أتمنى من الأمهات عندما نقلب القدرة أن تكون تحتها خير وسعادة وعقل ورزانة…!!!
وإلى مقالة أخرى دمتم بخير وسعادة…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى