مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: آفة الإنسان

0:00

آفةُ الإنسان النسيان، نسيانُ الألم بعد الشفاء، نسيانُ المحبة بعد الجفاء، نسيانُ المعروف بعد العداوةِ وتغير النفوس، ولكن بالرغم من كونه آفةً في بعض الأحوال، إلا أنه دواءٌ للروح في العديد من المواقف، ولعل أهمها للذكر هنا نسيانُ ألم الفقد أو تناسيه، لأن من فقدناهم تركوا في النفوس أثرًا لا يُمحى وألمًا لا يزول، سواءٌ مَن فارق منهم الحياة، أو مازال حيًّا يُرزق، نعم… هناك مفقودون أحياء، فقدوا مكانتهم في قلوبنا!!

ولعلَّ مَن قرأ منكم رواية (نسيان دوت كوم) للرائعة (أحلام مستغانمي) – التي تُعد واحدةً من بين أكثر عشر نساء تأثيرًا في العالَم العربي – يُدرك أن محاولةَ النسيان في حد ذاتها أكبرُ دليل على صعوبته، فهو الزائرُ الذي لا يأتي بدعوة، والدواءُ الشحيح في أمَسِّ أوقاتِ الحاجةِ إليه.

ولا أنسى سطورًا أعجبتني في هذا الكتاب تقول فيها: (ما النسيانُ سوى قلبِ صفحةٍ من كتاب العمر . قد يبدو الأمرُ سهلًا، لكن ما دمتَ لا تستطيع اقتلاعَها ستظل تَعثُرُ عليها بين كل فصلٍ من فُصول حياتِك).

وقد شرعتُ في كتابة هذا المقال لسببٍ وحيد هو ألا ننسى الفارقَ الصارخَ بين معاملةِ الفلسطينيين للأسرى من اليهود وبين معاملة الإسرائيليين _ التي دخلت في شهرها السادس _ للشعب الفلسطيني، لا ننسى ڤيديوهات الأسرى وهم بأحسن حال، واعترافاتِهم الشخصية التي صدمتِ العالَمَ بحُسن المعاملة ورُقي أخلاق عناصر حماس في التعامل معهم، وبين سياسةِ الإبادة والتجويع وشتى صنوف العذاب التي يَصُبها الكيان الصهيوني صبًّا على أهلنا في فلسطين المحتلة!!

لا ننسى إطعامَ حماس ورعايتَهم حتى لحيوانات الأسرى الأليفة، بينما تستهدف آلياتُ الاحتلال المدنيين الأبرياءَ لدى اصطفافهم للحصول على لقمةِ عيش تسد جوع أبنائهم!!

لن ننسى وسيأتي الوقتُ لنُسدِّدَ حسابكم كاملا، لن ننسى كما قال الشاعر السعودي (مهذب بن مهدي):

أتظن أنك عندما أحرَقْتَنِي // ورقصتَ كالشيطان فوق رُفاتي

وتركتني للذارياتِ تَذُرُّنِي // كُحلًا لعَينِ الشمسِ في الفلواتِ

أتظن أنكَ قد طمستَ هُويتي // ومحوتَ تاريخي ومُعتقداتي

عبثًا تُحاولُ… لا فناءَ لثائرٍ // أنا كالقيامةِ ذاتُ يومٍ آتِ

أنا مِثلُ عيسى عائدٌ وبقوةٍ // مِن كلِّ عاصفةٍ أَلُمُّ شَتاتي

سأعودُ أقدَمَ عاشقٍ مُتمردٍ // سأعودُ أعظمَ أعظمَ الثوراتِ

سأعودُ بالتوراةِ والإنجيلِ والـ // قرآنِ والتسبيحِ والصلواتِ

رجلٌ من الأُخدودِ ما مِن عَودتِي // بُدٌّ … أنا كُلُّ الزمانِ الآتي.

زر الذهاب إلى الأعلى