مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: سلاح الوعى

إن حجم وطبيعة التحديات التى تواجهها مصر الآن خاصة التحديات الخارجية التى تمس الأمن القومى يفرض على الجميع نهجا وسلوكا يتماشى مع ماتقتضيه ضرورات المرحلة التى تلعب مجريات الأحداث الإقليمية والعالمية دورا محوريا ومركزيا فى رسم إيقاعات وأولويات العمل فيها.
ومن يتابع مشهد الأحداث العام على الساحة الدولية ويرصد مايدور خلف الستار, والذى تكشف عنه تصريحات عابرة أحيانا وإجراءات مفاجئة أحيانا أخرى يستطيع بسهولة اكتشاف أن سلاح الوعى يعد بالفعل واحدا من أهم الأسلحة فى إجهاض وإحباط جميع المخططات التى تريد قوى الاستهداف تنفيذها ضد مصر وفى المقدمة منها تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين قسرا وطوعا خارج أرضهم ومحاولة المساس بالأمن القومى المصرى.
ولأننى من الذين يهتمون كثيرا بقضايا الأمن القومى ويتابعون مايثار أو ينشر حول ذلك فى وسائل الإعلام المختلفة, وأحرص على النظر إليها من زاوية الخلفية التاريخيو رصدت على مدى الأيام القليلة الماضية تزايد وارتفاع منسوب الدعاية الاسرائيلية ضد مصر خاصة فيما يتعلق بغزة وسيناء, وكان على عدة مستويات سواء فيما يتعلق بشكل أو صورة “دعاية الاستهداف”, أو فيما يتعلق بالموقع الوظيفى لمن تصدر عنهم هذه الدعاية والتى تمهد للمخطط الكبير الذى يستهدف القضية والشعب والأرض, وبالطبع الأمن القومى المصرى.
وأتطرق هنا إلى مثالين يوضحان ماأقول الأول يتمثل فيما أعلن عنه رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو على الملأ خلال مؤتمر صحفى عن نوايا اسرائيل المستقبلية فيما يتعلق بمحور صلاح الدين الحدودى مع مصر والأراضى الفلسطينية المحتلة, حيث قال:إن هذا المحور يجب أن يكون تحت السيطرة الإسرائيلية, أما المثال الثانى فهو ماجاء فى تصريح جديد لوزير الدفاع الاسرائيلى السابق أفيجدور ليبرمان دعا فيه إلى احتلال جنوب لبنان والسيطرة أمنيا على شمال غزة وتدمير محور صلاح الدين, وقال فيه:إنه يجب على الجيش الإسرائيلى التمركز على نهر الليطانى, والسيطرة على شمال غزة من الناحية الأمنية وغنشاء شريط أمنى وتدمير محور فيلا دلفيا, وإعطاء حرية المرور لأهالى غزة إلى سيناء حيث من الممكن أن يعبر مليون ونصف المليون غزاوى إلى سيناء!
إن ماجاء على لسانى نتنياهو وليبرمان يعد مفردة مهمة من مفردات صورة شاملة شارك فى نسجها ونقلها العديد من المسئولين والحزبين ورجال الدين الاسرائيليين تسعى فى شكلها النهائى وحتى الجزئى إلى تهيئة الأجواء لتنفيذ أولى خطوات المخطط الكبير.
مصر تستضيف على أرضها مايزيد على 9ملايين مهاجر حسب الإحصاءات الرسمية يمثلون 58 جنسية حسب احصاءات منظمة الهجرة الدولية ضنت عيهم بلادهم بكل سبل الحياة فوجدوا متسعا ومأوى على هذه الأرض الطيبة التى لم نرد يوما محتاجا ولم تنهر سائلا, ولم تتذمر مصر يوما بل تعاملت بكل الكرم والسخاء ولم تطلب ثمنا لاستضافة كل هذه الملايين, ولكن وفقا لأحدث الدراسات فإن هؤلاء الملايين التسعة يكلفون مصر مايزيد على 35 مليار دولار سنويا, ومع كل هذا الرقم المفزع وشح الدولار ووسط الانفجار فى الأسعار والضغوط الاقتصادية غير المسبوقة التى تمارس علينا كل لحظة لم يعد سخاء القاهرة منطقيا, وعليها أن تبحث عن حقوقها فى ملف المهاجرين التى يحاول البعض إضاعتها عن عمد.
إسماعيل صدقى باشا هو السياسى المصرى العربى الوحيد الذى أراد أن تقبل مصر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 29 نوفمبر عام 1947 الخاص بتقسيم فلسطين, ولكن فاروق ملك مصر فى ذلك الوقت خضع لمن نصحوه بألا يفعل ذلك حتى لايضحى بزعامة مصر للعالم العربى, وعلى الجانب الآخر قبل الإسرائيليون القرار ورحبوا به بخبث وذكاء ليس فقط لأنهم كانوا لايشكلون أكثر من 30% من سكان فلسطين فى ذلك الوقت, ولكن لأنه أعطاهم قاعدة آمنة تسمح لهم باستقدام اليهود من كل أنحاء الدنيا دون أى عائق, وهو ماحدث بالفعل بعد أن هزموا ماسمى الجيوش العربية السبعةفى حرب 1948
من أبرز أحكام محكمة العدل الدولية منذ نشأتها: الجدار الفاصل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة عام2004- إعلان استقلال كوسوفو أحادى الجانب عام2010- دعوى إيران ضد واشنطن بسبب العقوبات عام 2018- طلب إيران بالإفراج عن أصول مالية مجمدة عام 2023- دعوى هولندا وكندا ضد سوريا لدى محكمة العدل الدولية عام 2023

زر الذهاب إلى الأعلى