مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : فن التضليل الاعلامي

عندما تصير الامور الي عشوائيه مركبه وفوضي مهلكه قد نلجاء للاحتكام للاصول ربما نجد دربا نلتمس بنهايته نور.
ربما اغلب من درس الاعلام سابقا تعرض لكتاب “فن التحرير الاعلامي” للاديب والاعلامي الدكتور عبد العزيز شرف الاستاذ السابق بجامعات الازهر والقاهر الاسكندريه ورئيس القسم الادبي بجريده الاهرام، وبالتاكيد تعرضوا لكتابات الدكتور عبد اللطيف حمزه استاذ الاعلام بجامعات مصر والعراق وان لم يتعرضوا لمتون الكتب فقد تعرضوا لاستقاء منها حيث كانت مصدرا لاغلب كتب الاعلام _ وقد تناول الرائدان الراحلان فنون التحرير الاعلامي حسب الاصول العلميه والمهنيه والاخلاقيه للتحرير الاعلامي والاهم الدور والوظيفه للاعلام _.
.. في وقت الرائدين الراحلين كانت صناعه الاعلام تتم عبر مؤسسات تعتمد المهنيه واصول الصنعه في صنع محتواها مقروء او مسموع او متلفز وكانت ان اضطرت لتنفيذ سياسات عامه عبر الوسائل الاعلاميه قد تتخلي قليلا عن معياري المهنيه (الصدق والشفافيه)، كان الاعلام يمارس وظائفه من اخبار وتعليم وتوجيه وتثفيف وحتي الترفيه عبر عنايه فائقه بالمقوله الاشهر “اعط الجمهور ماينفعه في صوره مايحبه” والتي تحولت الي النقيض حاليا “اعطه مايضره او يوجهه او يضلله في صوره مايزيد حبه له”.
الاعلام المؤسسي باي حال كان منضبطا ولو الي حد ما حتي لو عمد الي شيء من التضليل عبر نشر او بث اكاذيب او دعاوي فتنه او توجيه لما يرغب به مرسل وصانع الرساله وفقا لاجنده سياسات ينفذها، لكن كيف الحال في وضع تحول فيه اغلب البشر من متلقين للاعلام الرسمي الي مرسلين وصناع رساله اعلاميه حتي لو لم يكن هذا المفهوم متوفرا لديهم عندما يبثون رسالتهم عبر مايسمي بالسوشيال ميديا التي جعلت وسيله الاتصال متاحه لدي عموم من كانوا فقط مستقبلين، تحول الناس الي مصدر بث رساله تفتقر لكل ضوابط المهنيه والحرفه في صناعه الرساله اوجد اعلام ساقط في مضمونه لايحمل اي قيمه مما تحتمه وظائف الاعلام ولا يحوي اكثر من وجهه نظر المرسل التي يضعها كونها منتجه من فرد لايملك ادوات صنعته او بالاحري هوايته او تمضيه وقته او قد يكون مندسا لتنفيذ اهواء او وظائف مكلف بها او متطوع لها او مترزق منها.
السوشيال ميديا اصبحت هي القناه الاكثر شعبيه وجماهيريه_ حتي ان القنوات ذات القِدم والثقل انضمت اليها عبر صفحات او مواقع الميديا لتجد لها مكانا بعد ضياع مكانتها عبر البث الفضائي او الارضي او المطبوع _ ومتلقي الميديا المسكين ان لم يكن لديه خطوط دفاع من الوعي الذي يمكنه من فرز المحتوي الذي يتلقاه فانه حتما سيكون في قبضه تضليل اعلامي محكم يصنعه بجداره بقصد او بدون المدونون الذي طوروا الي اسمهم الي مغردون ويوتيوبر وتيك توكر وصناع محتوي.
الأمر قد يبدو هينا لكنه بمفهوم صناعه الدعايه التي تعتمد ان قطره الماء المستمر سقوطها علي صخره قد يثقبها مع الزمن، الشاشات تمرر بلا اهتمام لكن محتواها بالتاكيد يترك مع الوقت رواسبا قد تغلق العقل او توجهه او تسطحه والاحري تضلله.

زر الذهاب إلى الأعلى