مقالات الرأى

أحمد فرغلي رضوان يكتب : جيل جديد من المقاطعة يظهر فجأة

داخل السوبر ماركت وجدت بعض الشباب والفتيات الصغار لا تتجاوز أعمارهم 16 عاما كل منهم يمسك هاتفه بيد وباليد الأخرى  يمسك قطعة شيكولاته أو علبة عصير يبحثون عن شيء ما، اعتقدت للوهلة الأولى أنهم يتأكدون من تاريخ صلاحية المنتج أو السعر وكنت قريبا منهم بما يكفي لسماع حديثهم ، وفجأة وجدت فتاة تقول هذا معانا وتشير لما في يدها وتكررت كلمات معانا ، مش معانا! فيما بينهم ، هنا انتبهت أنهم يتحدثون عن البضائع والمقاطعة.
سألت نفسي متى ظهر هذا الجيل ومتى تكون تفكيره وقناعته بالقضية الفلسطينية وحقوقها الضائعة ؟! متى وكيف وكنت مثل الكثيرين اعتقدت أن القضية الفلسطينية ذهبت طي النسيان بعد الأحداث الكثيرة التي عصفت بدول عربية خلال السنوات الماضية وانشغال الدول العربية المسمومة بالقضية بمشاكل داخلية على رأسها مصر ولكن ما حدث جعلني أشعر أن الحق له أصحاب يظهرون دائما وقت الأزمات ، يحاولون أن ينصروه هذه المرة ظهروا بسلاحهم الذي يملكوه ” المقاطعة ” وهو أضعف الإيمان، وأعترف أنني ذهبت إلى أكبر السوبر ماركت في مصر وجدت بالفعل المقاطعة تتحقق بنجاح غير مسبوق لبعض البضائع الأجنبية ! بل وبدأت بعض الأماكن تقلل من مساحات عرض تلك البضائع .
كنا نعيب على السوشيال ميديا وتأثيرها السلبي ولكن ما حدث خلال الشهر الماضي كشف الجانب الإيجابي لها وهو الإعلام والمعرفة لأن هذا الجيل لا يشاهد تليفزيون أو قنوات أخبار أو يقرأ صحف بل وسيلته الوحيدة للمعرفة والأخبار هو الهاتف الذي لا يفارق يده سوى عند النوم بل ويظل بالقرب منه يختلس النظر إليه لو ” استيقظ” ليلا !
لذلك لم أتخيل ومثلي الكثير حجم ردود الأفعال على استخدام سلاح المقاطعة هذه المرة ، في الماضي كانت دعوات المقاطعة مع كل انتفاضة فلسطينية تكون غير ملموسة كهذه المرة والمفاجأة أن الشباب الصغير دون العشرين عاما هم القوة الكبرى المؤثرة في المقاطعة وبالطبع هم يمثلون القوة الشرائية الأكبر ! كيف حدث هذا ومن أقنع هؤلاء الصغار! بالمقاطعة
هي قناعة داخلية حركتهم بعدما شاهدوا جرائم الحرب الإسرائيلية وخاصة ضد الأطفال والمدنيين.
ويشاء القدر أن حجم الهجوم الغاشم لجيش الاحتلال قابله رد فعل قوي مثله من شعوب العالم سواء المقاطعة والتي تخطت الشعوب العربية وبدأنا نشاهدها في دول أجنبية أخرى لأول مرة ! أو في المظاهرات التي تخرج في عدة مدن عالمية تندد بجرائم جيش الاحتلال ضد المدنيين في غزة.
وسائل إعلام تحدثت عن أن إدارة بايدن تلقت تحذيرات كثيرة من دبلوماسيين أمريكيين في العالم العربي من أن دعمها القوي للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة يفقدهم المصداقية لدى الجيل الجديد في العالم العربي وأنهم يخسرون بشدة.
‏و أن الدعم الأمريكي القوي لتصرفات إسرائيل يُنظر إليه على أنه “مسؤولية”مادية ومعنوية فيما يعتبرونه جرائم حرب محتملة”.
الحرب على غزة هذه المرة غير كل مرة ، أحرار العالم في كل مكان بدأوا ينقلبون على سياسة واشنطن الداعمة لسياسة إسرائيل الاستيطانية التي تقوم على الاحتلال وبناء المزيد من المستوطنات، لا يمر يوم إلا ونجد اعتصام أو إضراب هنا أو هناك ، أو عضو برلمان أوروبي يتحدث وكأنه عربي يدافع عن الفلسطينيين ، لذلك وافقت إسرائيل مضطرة على الهدنة بعد أن اكتشفت فشلها العسكري في تحرير الأسرى والرهائن رغم ما دمرته في قطاع غزة و ارتكبته من مجازر أسفرت عن عدد ضحايا تجاوز 15 ألف نصفهم من الأطفال وسط مشاهد تدمي القلوب وتكشف الإجرام للآلة العسكرية الإسرائيلية ضد الأطفال والنساء وجميع المدنيين تضرب بقوة غاشمة دون تفريق.
من مكاسب هذه الحرب هذا الجيل الصغير الذي اكتشف بنفسه تاريخ دولة الاحتلال واستخدم سلاح المقاطعة بامتياز لم ينجح جيل قبل ذلك في استخدامه مثلما استخدمه هذا الجيل الصاعد ، مثل هؤلاء هم حراس الوطن ومستقبله .

زر الذهاب إلى الأعلى