راندا الهادي تكتب: يا صاحبةَ (البوست)!!
دومًا غيابُ العقل يدفع الإنسانَ دفعًا إلى التطرف أو اختيار الأقصى في أي أمر، لأن مرشدَك الأول في تقييم الأمور غيرُ موجود، والعقل هنا ليس المخَّ البشري، بل آلية استخدامه، فالبهائم _ أعزكم الله _ لها مخ، يصل بطعمه اللذيذ إلى مائدتك لتتناوله!! ومن هنا كانت الدعوة الدائمة في قرآننا لاستخدام العقل والتفكير والتأمل، بل شدد العليُّ القدير على أنها الطريق الوحيد للوصول إليه، ولنا في قصة الخليل إبراهيم عليه السلام المثل.
إذن لماذا نُجنب العقل ونرتع في مجاهل التطرف؟! لا شك أن العُري يُناقض الطبيعة والفطرة، بل كشف الستر كان عاقبةَ عصيان سيدنا آدم لأمر الله، ولكن ليس معنى هذا بأي حال من الأحوال أن أقرأ (بوست) لسيدة تُثني على عريس غطى يدَ عروسته بعد أن خلعت قفازها لتُوقع على عقد الزواج؛ غيرةً وسترًا لها، ويعلمُ الله أن ذلك ليس اعتراضًا مني على زي محدد؛ فالكل يتمتع بالحرية في حدود الشرع، ولكن مخافة من عقلية هذه المرأة ومستقبل هذه الزيجة.
ولا أنسى كلمات عمي (مصباح) مدرس اللغة العربية _ رحمة الله عليه _ الذي كانت مكتبته الخاصة مصدري لقراءة تفسير القرطبي كاملا وكتب السير وفقه المرأة، لا أنسى عندما قال لي يومًا حديث رسول الله: (لن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه)، وعندما سألتُه: ما معنى ذلك؟ قال: (خذي الأمور بهدوء وبساطة، والأهم من الطاعة استدامتها). هذا عمي الذي يُشبه في تفكيره والدَك ووالدتَك، ويشبه جارنا وأقاربنا، الاعتدال ما تربينا عليه من غير إفراط ولا تفريط.
ورغم ما نواجهه من مظاهر انحلال ليس في المظهر فحسب _ وهو الأهون _، بل في القيم والمبادىء وجوهر الأخلاق، لا ولن أجد مبررًا للتطرف، أتعلمون لماذا؟ لأن عاقبته وخيمة، غالبا ما تكون النفور والضيق ورفض محيطك والانغلاق على كل ما يخالف رأيك، وهذا ليس رأيًا بل واقعًا عشناه ونعيشه وكلكم تدركون ذلك.