مقالات الرأى

محمود سامح همام يكتب: ما مكانة مصر في تطور الأمن السيبراني؟

حرب خفية مستمرة منذ ما يقارب قرن من الزمن بين الكتلة الشرقية الشيوعية والكتلة الغربية الرأسمالية، واستراتيجيات جديدة في ميدان المنافسة بين كلا الطرفين؛ منها الاستراتيجيات الخفية التي يطلق عليها حروبا بلا أرض ولا جيش ولا دماء تسيل فيها وتسمى الهجمات السيبرانية..

وكانت أحدث هذه الهجمات في ٢ يونيو ٢٠٢٣ حينما اتهم جهاز الأمن القومي الروسي الولايات المتحدة الامريكية بالوقوف وراء هجوم سيبراني علي الآف من أجهزة آبل بعد إعلان شركة كاسبركسي لاب الروسية للأمن السيبراني العثور علي برمجية تجسس على هواتف آيفون يستخدمها موظفوها، فضلا عن و
تسريب أرقام أشخاص يعملون في سفارات روسية في الخارج

هذه الحرب السيبرانية التي يشهدها العالم في ذروته تجلعنا نطرح أسئلة مهمة بشأن ما هية الأمن السيبراني بشكل عام وفي مصر بشكل خاص؟

خلال السنوات الخمس الماضية بدأت حروب الجيل الخامس والتي يتعدد أدواتها، ومنها بالتأكيد الحروب السيبرانية، و يعتبر الأمن السيبراني مجالا من مجالات تكنولوجيا المعلومات ويطلق عليه الأمن المعلوماتي، كما أنه يشمل الأمن عملية حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية، والتي تستهدف عادة الوصول إلى المعلومات الحساسة أو تغييرها أو تدميرها، بغرض الاستيلاء علي المال أو المعلومات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي للدولة..

بينما يحتوي نهج الأمن السيبراني الناجح على طبقات متعددة من الحماية تنتشر عبر أجهزة الكمبيوتر أو الشبكات أو البرامج أو البيانات التي ترغب المؤسسات أو الأفراد في الحفاظ عليها، ومن هذه الهجمات السيبرانية التي ألحقت بالدول خسائر فادحة ظهر مفهوم الأمن السيبراني

أما الأمن السيبراني في مصر، فانه يواجه تحديا مستمرا فيما يشهده العالم من طفرات تكنولوجية هائلة ومستمرة تتطلب تحديثا دائما وإمكانيات مادية ضخمة

ومع انتشار التكنولوجيا تزداد الهجمات الالكترونية للبنية التحتية والشبكات المعلوماتية، لذلك فإن هناك العديد من المناورات السيبرانية في عدد من المنصات الحكومية في مصر يتم إجرائها من وقت لآخر للتأكد من قوة التأمين الالكتروني للبنية المعلوماتية المصرية بشكل كامل، خاصة وأن مصر تمتلك مشروعات كبيرة للتحول الرقمي أقدمت عليها الدولة بشكل فعال خلال الفترة الأخيرة

وفي ظل ما تشهده المنطقة والعالم بأكمله من اختراقات أمنية وهجمات سيبرانية، وإدراكا لخطورة هذه التهديدات، أعطت الدولة المصرية اهتماما كبيرا بالغا بهذا المجال وسارعت بإتخاذ العديد من التدابير والإجراءات لتنظيم الأمن السيبراني والفضاء الالكتروني وذلك علي كافة المستويات حتي تصبح قادرة علي التصدي للتحديات والمخاطر العالمية الناجمة عن التهديدات السيبرانية علي النحو الذي يدعم مشروعات مصر الرقمية والتي يتم من خلالها رقمنة الخدمات الحكومية وتبني المعاملات الرقمية

ومما لا شك أن سياسة الدولة المصرية في الأمن السيبراني وافتتاحها العديد من المشروعات لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وجهودها في التحول نحو مجتمع رقمي شامل، وبروز جهود التحول الرقمي في أكثر من ١٤ قطاعا من قطاعات الدولة منها الصحة والزراعة والتعليم وغيرها، قد حقق لمصر تقدما في مجالات التحول الرقمي، منها حصول مصر علي المركز الأول علي مستوي العالم في تنافسية قطاعي الانترنت والهاتف في الفترة ما بين ٢٠١٩ و ٢٠٢١ ومن ثم فقد تكللت الجهود المصرية في الأمن السيبراني خاصة بعد أن كشف مؤشر الأمن السيبراني GCI “ الصادر من الاتحاد الدولي الاتصالات ITU عن احتلال مصر المركز ٢٣ عالميا بين ١٩٤ دولة، والمركز الرابع علي مستوي الشرق الأوسط لعام ٢٠٢٠ /٢٠٢١ وهذا مؤشر بارز وقوي علي تطور الأمن السيبراني في مصر حيث أحتلت مصر المركز ٩٥ بين دول العالم في آخر تصنيف للأمن السيبراني عام ٢٠١٩، وهذا يوضح لنا الجهود المتنامية للحكومة المصرية واهتمامها بالأمن السيبراني لما يشهده العقد الراهن من حروب بلا أرض وبلا جيش وبلا حدود

لذا علينا دائما الاستمرار في تطوير الأمن السيبراني حتى نكون جاهزين لأي تحديات سيبرانية

زر الذهاب إلى الأعلى