حازم عبده يكتب : الفرحة الكبرى
“الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أنصار سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذُرّيّة سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا”.
اليوم الخميس هو أول أيام التشريق وثاني أيام الفرحة الكبرى، فرحة كل حاج لبى النداء “لبيك اللهم لبيك” فوقف بصعيد عرفات الطاهر، وأفاض إلى مزدلفة، وبات فيها وبكر بالزحف إلى منى حيث رمى جمرة العقبة الكبرى، وتلك هي الفرحة الكبرى التي أنعم الله بها علي عدة مرات فلم أجد أعظم منها فرحة ولا أسعد منها، بخاصة فرحتي الأولي بتمام حجي عام 1430ه/2009م ، إنها لا تدانيها فرحة، تصفو فيها النفس، وتغتسل من أدرانها وتتطهر من أوزارها، وتصغر بها الدنيا في عين المؤمن، ويهون بها عليه كل عظيم، ويزول عنه كل كرب ويذهب عنه كل هم أو غم، ويدرك المؤمن حقيقة أن حياته قبل حجه كانت مرحلة و بعده مرحلة أخرى تماماً، ولد فيها من جديد وكأنه بعث في صفحة بيضاء ناصعة من حياته، كما أخبرنا الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه”.
حقاً من حج وأخلص فأنعم الله عليه بالرضا والقبول والمغفرة زلت تحت قدميه كل لدنيا، وأيقن حقاً وصدقاً وإقراراً ويقيناً أنها دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأنها فقط مجرد معبر، تمر مر السحاب، تسير كالوميض تنتهي ما بين طرفة عين وانتباهتها، العاقل من أدرك حقيقتها وتأمل في تلك اللحظات التي وهبه الله إياها في صعيد عرفات فغسل نفسه وروحه، وفي مزدلفة فصفاه، وفي مني فنقاه، ليعي رسالته التي استخلفه الله من أجلها ليعمر من خلالها آخرته وأبديته في دار القرار، وأن ما خلقه الله في هذه الدنيا إلا للعبادة الخالصة” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وكل عمل نافع هو عبادة، وكل عمل خير هو عبادة لله، وكل خدمة مخلصة لمخلوقات الله هي عبادة، فصدقت يا سيدي يا رسول الله “في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ”.
إنها لحظات لا تنمحي مهما تكرر الحج، فكل مرة تهفو فيها النفس لتلك النفحات التي يمنحها الخالق جل وعلى لعبده الأشعث الأغبر الذي جاءه مخلصاً من كل فج عميق ملبياً النداء ” وأذن في الناس بالحج”، وبقدر الفرحة بنعمة الحج وسعادة العودة للأهل والأحباب الذين استودعهم الله الذي لا تضيع ودائعه بقدر الغبطة لمن قبض الله أرواحهم في إحرامهم ليعصمهم من العودة لأدران الدنيا، عصمنا الله حميعاً حتى نلقاه، مدركين و موقنين بأنه لا معنى لفرح حقيقي إلا لطاعة الله ولا معنى لحزن إلا لمعصية، أعاذنا الله جميعاً، وكل عام والأمة الإسلامية جمعاء بخير، وعيد نحر مبارك.