د. إيمان إبراهيم تكتب : البر والإحسان أم تنمية الوعي؟
تشمل تنمية الشعوب العديد من الجوانب المختلفة التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة والنهوض بالمجتمعات، ومن هذه الجوانب: البر والإحسان و تنمية الوعي حيث تركز فكرة البر والإحسان علي الأعمال الخيرية وتقديم الدعم المادي للأفراد والمجتمعات التي تعاني من الفقر والحاجة، سواء كان هذا الدعم من خلال توفير الرعاية الصحية، التعليم، المأوى، الغذاء، والمياه النظيفة وغيرها من الأعمال الخيرية.
ولكن هل نظام البر والإحسان بشكل فردى يمكن أن ينهض بالأمم ويساعد علي بناء أجيال لديها وعي بما يحدث من حولها وينتج عنه أجيال قادرة علي تحمل المسؤولية؟!، من أجل تحقيق التقدم والنهوض بالمجتمعات لتحقيق التنمية المستدامة، وأيًا كانت الإجابة، فجميعنا لا ينكر الدور المهم الذى تقوم منظمات المجتمع المدني القائمة علي فكرة البر والإحسان، فهي بلا شك تحافظ على الكرامة الإنسانية وتعزز العدالة الاجتماعية.
ولكن إذا أمعنا النظر في تقدم الأمم والنهوض بها من خلال تنمية وعى الشعوب وسبل تحقيقها مقارنًة بفكرة البر والإحسان رغم أهميتها، سوف يختلف المشهد تمامًا، فتقدم المجتمع من خلال تنمية وعيه من الأسس الأساسية التي تدعم تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في المجتمعات. فالتنمية الحقيقية لا تكون من خلال الأعمال الخيرية والأعمال الإنسانية فحسب، بل تتطلب أيضًا إدراكًا عميقًا للمشكلات التي تواجه المجتمع لتحديد الحلول الفعالة لهذه المشكلات.
لأن تنمية الوعي هي عبارة عن تحسين المعرفة والاستزادة من المعلومات بشأن مجال ما مثل تنمية الوعى الصحي، الوعي البيئي، الوعي التربوي وتنمية الوعي الثقافي وغيرها، فكل ذلك يعمل علي تحسين مستوى التعليم والثقافة والتوعية البيئية والاجتماعية والصحية وغيرها لدى الأفراد في المجتمعات المختلفة، مما يؤدى إلي توسيع الآفاق لهم وتحفيزهم على معرفة المشكلات الحقيقية التي تواجههم، وكيفية مواجهتها، ومن ثم قدرتهم على اتخاذ القرارات السليمة والتفكير النقدي والتحليلي لما يواجههم من تحديات تعوق مسيرتهم، وكل ذلك يساهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعزز المعرفة والعدالة والمساواة في المجتمعات بشكل كبير، وتضع الجميع علي قدم المساواة في الشعور بالأزمات المختلفة كلٌ حسب إدراكه وفهمه للمشكلة.
وفي النهاية يمكن القول بأن تنمية الوعي والبر والإحسان هما جانبان مختلفان للنهوض بالمجتمع وتحقيق التنمية المستدامة، ولكن يمكن جمعهما معًا لتحقيق أقصى استفادة للمجتمعات. فتنمية الوعي تساعد الأفراد على فهم الواقع الذي يعيشون فيه ويساعدهم على اتخاذ القرارات السليمة، بينما البر والإحسان يساعدان على توفير الدعم اللازم للأفراد الذين يعانون من الفقر والحاجة.
ولكن يجب الإشارة إلى أن التركيز الحصري على البر والإحسان دون الاهتمام بتنمية الوعي، يمكن أن يؤدي إلى التبعية وعدم القدرة على اتخاذ القرارات السليمة والتحليلية بشأن مصير المجتمعات، بينما التركيز الحصري على تنمية الوعي دون الاهتمام بالبر والإحسان، يمكن أن يؤدي إلى اهمال الأفراد المحتاجين وتفاقم الفقر والحاجة في المجتمعات، لذا يجب العمل على تطوير كلا الجانبين لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة قائمة علي التعايش السلمي والعدالة والمساواة لسائر الشعوب.