راندا الهادي تكتب: لن تراه ثانية!!
عندما سأل أحدُ الأشخاص حكيمًا وقال له: كيف أُحسِنُ استقبالَ نِعم الله _ سبحانه وتعالى _؟ فأجاب الحكيم: تعاملْ معها وكأنك لن تراها مرة ثانية!!
حقًا، لو تعاملنا مع كل شيء في حياتنا كأنه فرصةٌ وحيدة لن تتكرر ولن نراه مرة ثانية، سنُحسن التعامل، ونستفيد من وجوده بحياتنا لأقصى حد.
تخيل معي أيها القارئ هذه القاعدة، ومدى بساطتها، ومدى تأثيرها في مسار حياتنا كله لو تم تطبيقها كما يجب!! لنبدأ:
لو تعاملتَ مع اليوم الذي استيقظتَ لاستقباله على أنه لن يُعاد بكل تفاصيله وشخوصه، فهو فرصة وحيدة، أعتقد ستجتهد بكل ما أوتيتَ من قوة لاستغلالِ كل دقيقة بل كل ثانية فيه، ولن تترك الدقائق تمر ومِن ورائها الساعات، أمام هاتف محمول، أو على سريرك هاربًا من مشكلة ما، أو أزمة تعرضتَ لها ، متمنيًا أن تحل نفسها بنفسها!!
أين تذهب؟! ما زلنا نخوض معًا هذه التجربة المميزة،
تخيل معي أن البشر الموجودين في حياتك لن تقابلهم مرة ثانية!! أولا: من تحبه ويشغل مكانة في قلبك، ستتعامل معه كما يجب أن يكون، ستهتم وتتغافل وتسامح وتفيض في التعبير عن مشاعرك تجاهه… ألم نقل: إنك لن تراه مرة ثانية؟!
أما من تُبغضه من المحيطين، لمشكلةٍ في شخصيته أو لحقدٍ وحسدٍ يُكِنه لك أو لتضارب مصالح بينكم… ستعفو عنه وتتجاهله، وتوفر الوقت والجهد المبذول للتفكير في كيفية الانتقام منه لأمور أفضل.
وبالتالي ستختفي من قاموسك اللغوي عبارات مثل: (خيرها في غيرها) و (الدنيا اتبنت في سبعة أيام)، وغيرها من مقولات تدعو للتواكل والكسل وتضييع الفرص.
لنزيد القصيدة بيتًا: ماذا لو طبقت الدولة هذه القاعدة في توفير وتلبية الخدمات للمواطنين؟! كأن تذهب للمصلحة الحكومية مرةً واحدةً فقط لاستخراج أو تلبية ما تريده منها، أو الاستجابة الفورية لشكوى المواطنين دون الحاجة لمناشدات أو خطابات ذاهبة آتية، أو طرق أبواب واستجداء أسماء!!
هل نحلُم؟! نعم، نحلُم، ولكن ألا تتفق معي أن بداية أي واقع أو إنجاز كان حُلمًا في رأس أحدهم؟! ولا أجد غضاضة هنا من دعوتكم لتطبيق مبدأ (لن تراه مرة ثانية) في دائرتك الصغيرة، وسط أسرتك، بين جيرانك ورفاق العمل، وقد تصلني مِن أحدكم يومًا ما رسالةٌ تخبرني بفائدةِ ما قلتُه وأجهدتُ أنظارَكم بقراءته، لعلكم لن تقابلوا هذا المقال مرة ثانية!!