تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والمسؤولون الأوكرانيون السيطرة على الأضرار بعد تسريب وثائق عسكرية أمريكية سرية تكشف عن تفاصيل دقيقة للإمدادات المتضائلة في أوكرانيا، مما أثار مخاوف من انهيار محتمل في الثقة بين واشنطن وكييف وكذلك بين الولايات المتحدة وحلفاءها.
وأثارت التسريبات، التي من بينها وثائق سرية عن الحرب في أوكرانيا وكذلك مداولات داخلية بين الأجهزة الإسرائيلية خلال أزمة تعديل النظام القضائي، صدمة في جميع أنحاء مؤسسة الأمن القومي بواشنطن وبين حلفاء الولايات المتحدة في الخارج، وفقا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.
وقال خبراء ومسؤولون إن التسريبات تسلط الضوء على نقاط الضعف في الولايات المتحدة و “قدرتها على إبقاء المعلومات السرية طي الكتمان”.
وأفاد كريس ميجر، وهو مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة، بأن المسؤولين الأمريكيين ما زالوا يحاولون معرفة حجم ونطاق التسريبات، كما تم إطلاع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، لأول مرة على التسريبات يوم الخميس، وبدأ في عقد اجتماعات يومية لكبار مسؤولي البنتاجون حول هذه القضية يوم الجمعة.
ووصف الخبراء التسريبات بأنها أكثر تسريب ضررا بالأمن القومي منذ أن كشف إدوارد سنودن وثائق سرية للغاية قبل ما يقرب من عقد من الزمان.
واستبعد مسؤولون أوروبيون سابقون أن تؤثر التسريبات على الفور على التخطيط العسكري الأوكراني، بما في ذلك هجوم الربيع المرتقب الذي طال انتظاره بعد شهور من الجمود الفعلي.
وقال وزير دفاع لاتفيا السابق، أرتيس بابريكس إن “التسريبات قد تؤثر على بعض وجهات النظر العسكرية الأوكرانية ولكن ليس كثيرا”، مضيفا: “في النهاية، هناك منطق معين في الحرب الهجومية والدفاعية، وأعتقد أن هناك إمكانية لحساب ما قد يحدث بشكل أو بآخر”.
وقال ميخائيلو بودولياك، وهو كبير مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الوثائق “تستند إلى قدر كبير من المعلومات الوهمية ولا علاقة لها بالخطط العسكرية الحقيقية لأوكرانيا”، وذلك ضمن تحركات الحكومة الأوكرانية للتقليل من شأن التسريبات.
ومع ذلك، اعتبرت “فورين بوليسي” أن التسريبات يمكن أن تقوض ثقة حلفاء الولايات المتحدة في قدرتها على الاحتفاظ بالأسرار، كما تشير الوثائق إلى جهود واشنطن للتجسس على كبار المسؤولين الأوكرانيين، مما قد يؤدي إلى تآكل الثقة بين واشنطن وكييف.
إلى ذلك، قال ميك مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب: “قد ينتهي الأمر بتصفية مصادرنا، حتى لا يخبروا حلفائنا أننا ربما نجمع معلومات عنهم، فهذا شيء يمكن أن يسبب مشاكل دبلوماسية كبيرة”.
وأوضح بريت بروين، الدبلوماسي الأمريكي السابق والمسؤول في مجلس الأمن القومي، أن التسريبات الأخيرة ستعني على الأرجح أن “حلفاء الولايات المتحدة سيتشاركون المعلومات بمعدل أقل مع واشنطن، لقد أظهرنا أنفسنا مرارا وتكرارا أننا غير موثوقين في حماية بعض المعلومات الاستخباراتية الحساسة المهمة”.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، يوم الأحد، أنها تراجع وتقيم الوثائق السرية، التي بدأت في الظهور على خوادم موقع التواصل “ديسكورد” المشفرة في مارس الماضي، وأخذت وزارة العدل الأمريكية زمام المبادرة بفتح تحقيق بشأن تلك المسألة.
ومن بين التسريبات، وثائق يرجح أنها من إعداد هيئة الأركان المشتركة توضح بالتفصيل النقص الحاد في ذخيرة الدفاع الجوي في المخزونات الأوكرانية واستنفاد بعض أقوى الوحدات الأوكرانية لتلك الذخيرة بعد شهور من حرب الاستنزاف الطاحنة حول مدينة باخموت، في شرق أوكرانيا.
وصرحت سابرينا سينج، وهي نائبة السكرتير الصحفي للبنتاجون، في بيان يوم الأحد بأن”وزارة الدفاع تواصل مراجعة وتقييم صحة الوثائق المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يبدو أنها تحتوي على مواد حساسة وسرية للغاية”.