مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: تعالَ… اِسمع الحدوتة!!

(أن تتذكرَ دائمًا حقيقةَ انتهائِك إلى الموت، هي أفضلُ طريقةٍ عرفتُها، لتتجنّبَ الوقوعَ في فخّ الخوف من خسارة شيء ما، فأنت صِفرُ اليدين أصلًا).
من المقولات الخالدة للملياردير (ستيف جوبز)، ووفقا لهذه المقولة ينقسم البشرُ إلى نوعين، الأول يُفضل الجانبَ الآمِن من الحياة، حيث اتِّباعُ تجاربِ الآخرين، لا يسعى للتميُّز، بل يُفضل أن يكون فردًا في السِّرب و(تِرسًا) في المنظومة. أما النوعُ الثاني فهو ابنُ مقولة (جوبز)، يري الحياةَ فرصةً للتحدي، تحدي الظروف والعقبات ونفسِه في المقام الأول، يؤمن بأن المخاطرة هي الطريقُ للتميز، لا يرضى البقاءَ كغيرِه (تِرسًا)، بل يُصبح آلةً بحد ذاته. لكن يحضر تساؤلٌ لدى البعض هنا: أي الفريقين أفضل؟! أي الفريقين يعيش الحياة؟!

ما رأيكم في حدوتة؟! لنعُد إلى الوراء كثيرًا، لفترةٍ ليست ببعيدة عن صاحب المقولة التي بدأتُ بها المقال (ستيف جوبز)، تبدأ الحدوتة في أبريل من عام 1976م، عندما قرر (رونالد واين) المؤسسُ الثالث لشركة (آپل) _ لأيام قليلة _، التخليَ عن شراكته مع اثنين من مهاويس الكمبيوتر، بعد مرور 12 يومًا فقط على كتابة العقد؛ خوفًا من أن تفشلَ هذه الشركةُ الناشئة، وتنتهي في الديون، فيتعين عليه السدادُ والأداء!!
حيث كان (رونالد) قد حصل على (10%) من قيمة أسهم شركة (آپل) الناشئة وقتها، لكنه لم يَصبر، وباع نسبتَه مقابلَ 800 دولار.
ملحوظة: القيمة السوقية لشركة (آپل) اليوم تتجاوز تريليوني دولار!!!

لسببٍ أو لآخر، لم يَثق (رونالد) في قدراتِ الشابَّين (ستيف جوبز) و (ستيف زنياك)، ولذا آثرَ السلامة بالغنيمة، وقررَ بيعَ حصتِه، لأنه كان لتوه خارجًا من تجربة خاسرة!!

اليوم يبلغ (رونالد) من العمر ثمانيةً وثمانين عاما، ويعيش في (نيڤادا)، ولا يشعر بالندم على قرارِه بعدم مشاركة (ستيف جوبز) و (ستيف زنياك)، رغم أنه يعيش الآن على دخلِ معاشه، ويُتاجر في الطوابع والعملات القديمة لتُدر له دخلًا إضافيًّا يُعينه، كما لم يمتلك يومًا حاسوبًا من صُنع (آپل)!!

(خِلصت الحدوتة)!! وككل الحواديت، عليك أن تُحددَ أيَّ النوعين تختار؟ الصديقان (جوبز وزنياك) أم (رونالد)؟! وبعيدًا عن ألاعيب رواة القصص، لا تُتعب بالك بالتفكير؛ فالمُخاطِر يُولَدُ بحُبِّ المجازفة، وأهل الـ (كومفورت زون) لن يغادروها لأجل مقال راندا، قُضِي الأمر!!

زر الذهاب إلى الأعلى