حازم البهواشي يكتب: مدرسة الأمريكان والفُسْحَة الكبيرة
![حازم البهواش](https://misralan.net/wp-content/uploads/2023/01/DF0F7F2E-5989-4790-B019-6FD4A4326DEE.jpeg)
في مدرستي الابتدائية (الأمريكان) بقريتي (سنباط _ زفتى _ غربية)، _ وهي مدرسةٌ لم تَعُد موجودةً اليوم _، كان اليومُ الدراسي يحوي فُسحتين: الصغيرة حوالي 15 دقيقة، والكبيرة تبلغ نحو الساعة، وبها نلعبُ في مجموعات كما نشاء، ويمكننا الذهابُ أيضًا لمنازلنا، ويُحْضِرُ البعضُ منا بعضَ الأطعمة مثل (القشطة _ الجُبن القريش _ الجبنة القديمة _ الليمون أو اللفت المخلل _ والخُبز) لنتشاركَ سويًّا في اللعب وتناوُلِ الطعام، نقترب من بعضنا أكثر ونتفاعل ونتعامل وتنشأ بيننا المحبة وتزداد.
بإمكانياتٍ ضعيفة، وفي مدرسةٍ حكومية، كنا نتعلم داخلَ الفصل وخارجَه، في فصولها تَعَلَّمْنا ما يفيدنا في الامتحانات والحياة، وفي فنائها لعِبنا كرة القدم والكرة الطائرة وتنس الطاولة، كنا نساعد في تنظيفها وتجميلها والعناية بها؛ ذلك أنها كانت (مدرستي) أي هي مِلكٌ لي، ولا بُد أن أحافظ على ما أملك. وكان المُدرسون كذلك، يشعرون أنهم في بيوتهم، في مكان يملكونه، فلا بد من العناية به، وبأفراده المقيمين، فيَشرحون، ويُعلمون، ويُؤدبون، ويُوجهون، ويُربون، ويُعاقبون، ويُطبطبون ويَحنُون.
لقد تغيَّر كلُّ شيء حين تغيَّرَ الإحساسُ والشعورُ تجاه المدرسة، تغيَّرَ شعورُ المُدرس من مالِك إلى موظف، وتغيَّرَ شعورُ التلميذ وهو ذاهب، من الذهاب إلى مكان يستفيد ويكتسب منه المَحَبّات والصداقات والمهارات، لأنه أحدُ المسؤولين عنه، أو قل أحد أفراده المالكين، إلى الذهاب إلى مكان يُمَثِّلُ عِبئًا عليه!! إنه الفرقُ بين إحساس رسول الله بالصلاة إذ يقول: (أرِحنا بها يا بلال)، وإحساس بعضنا إذ يقوم وكل غايته: (أرِحنا منها)!!
من ناحية المنظر، أصبحت المدارسُ أجمل، ومن ناحية المَخْبَر أصبحت مُجردةً من الحياة؛ إذ الفرق كبير بين الموظف والمالك، بين المودة والمَقت، بين المحبة والبغضاء، بين الجوى والاجتواء!!
أعيدوا الحياة إلى مدارسنا، بعودة الروح إلى المُدرسين والتلاميذ، بالتعامل مع الواقع، ودراسة كيفية تغييره حقا وصدقًا لا على الورق، ليبدو (كله تمام يا افندم)، ولا شيء في الحقيقة تمام!!
تحية تقدير وإعزاز إلى كل مُدرسي مدرسة (الأمريكان) مَن عرفتُ منهم ومن لم أعرف، من قام بالتدريس لي، أو لغيري، مَن رحل منهم، ومَن هو على قيد الحياة، تحية تقدير وإعزاز لـ ( عبد الحميد زقزوق _ رجب خميس _ إبراهيم شعلان _ محمد الغباتي _ جابر جامع _ أحمد الفقي _ فادية الوشاحي _ ماجدة عامر ).