محمد محمود عيسى يكتب : حكاية شهد ومصطفى
في صالون المفكر والسياسي الكبير الأستاذ جمال أسعد والذي يعقد في يوم الأربعاء من الأسبوع مرتين في الشهر ومن باب تشجيع المواهب الصغيرة ودفعها إلى المزيد من الإبداع والتفوق استضاف الصالون في لقائه الأخير موهبتين أدبيتين شهد ومصطفى ورغم أنهما أخوة اشقاء إلا ان لكل منهما قصة مختلفة مع موهبته ومع المجتمع المحيط بهما وخاصة المجتمع الدراسي والأكاديمي ورغم ما يتمتع به كل منهما من حسن أدبي وموهبة واعدة مبكرة إلا أن ما في قصتهما ما يستدعي التوقف والانتباه من المجتمع ومن المسئولين ذلك أن ما حدث معهما يعكس نظرة المجتمع السطحية والغير مسئولة مع المواهب التي تنتشر في كل مكان وخاصة في الأوساط العلمية والأكاديمية . رحبنا بمصطفى وهو الطالب الجامعي المتفوق والذي يدرس في إحدى الكليات الهندسية المرموقة وتركناه يحكي حكايته مع موهبته ومع المجتمع الجامعي وأساتذته الذين يعلمونه ويمثلون له المثل والقدوة تحدث مصطفى في البداية عن روايته العلمية التي قام بتأليفها ونشرها في سياق علمي وأدبي ومن خلال بعض الأحداث العلمية التي يحاول مصطفى من خلال روايته أن يلقي الضوء عليها ويبرزها في سياق أدبي يحمل الطابع الأدبي للرواية من خلال مقوماتها الأدبية ويشرح أفكاره العلمية من خلال النقاش والحوار بين أبطال روايته وبعد أن انتهى مصطفى من تقديم وشرح الرواية ومن خلال الحوار والمناقشة بين أعضاء الصالون تحدث مصطفى عن موقفين توقفت أنا عندهما وقفة طويلة وقفة حزينة متألمة وأنا أرى علامات الحزن والأسى تظهر على شاب متفوق مبدع موهوب وهو يحكي حكايته الأولى عندما أخذ أستاذه الجامعي الذي يقوم بتدريسه هانفه النقال وذهب ليسترد هاتفه من أستاذه الجامعي والذي يمثل له القدوة والمثل ودار بينهما حوار طويل حول الغرض من أخذ الهاتف وتطور الحوار بين الطالب وبين أستاذه إلى نشأة الكون وزمنه وتطوره وأخذه الأستاذ الجامعي تلميذه إلى الجانب الديني بكل تشدد وقسوة وانتهى الحوار بين الطالب وأستاذه على أنه أجبر تلميذه على أن يحضر والدته لكي تقوم باستلام هاتف ابنها الشاب الطالب الجامعي هذا هو الموقف الأول وبكل ما يحمله من قسوة وتشدد في التعامل هو ابعد ما يكون عن قيم وأخلاق العلم وأبعد ما يكون أيضا عن قيم وأخلاق الدين ولن أعلق كثيرا على هذا الموقف ولكن سأحكي لكم الموقف الأخر والذي هو أشد قسوة وضراوة من الموقف الأول وذلك حينما سألت مصطفى هل تشترك في الحفلات والمناسبات التي تقيمها جامعتك قال لي لا إدارة الكلية ترفض اشتراكي في مثل هذه الحفلات والمناسبات ولما سألته لماذا قال لي لأنني أقول الصدق والصراحة في مناقشاتي مع الحضور والضيوف قلت له كيف ذلك قال لي نحن نتقدم بمشاريع خاصة بالكلية التي أنتمي إليها والمفروض أنني حينما يسألني أحد من المسؤولين عن توفر الأدوات والمقومات اللازمة للدراسة وعمل المشاريع من المفترض حسب تعليمات المسؤولين في الكلية أن أجيبهم بأن كل الأجهزة والأدوات متوفرة وعلى أفضل ما يكون وهو على غير الحقيقة وأنا أرفض أن أكذب وأقول لكل من يسألني انه لا توجد أية أدوات ولا أية أجهزة نعمل عليها وهذه هي الحقيقة التي لا يريدني اساتذتي أن اقولها ويريدون مني أن أقول غيرها وأنا أرفض ولذلك يستبعدونني من المشاركة في مثل هذه الحفلات والمناسبات التي تقيمها الجامعة . هذه حكاية مصطفى وأترك لكم التعليق أما أخته الشابة الصغيرة والتي تحمل موهبة الأدب والتمثيل والتعبير الجيد وهي تحكي حكايتها والتي تتشابه في معناها العام مع حكاية أخيها مصطفى فتقول أنها اشتركت في إحدى المسابقات الفنية مع مدرستها ومع إجادتها لكل فنون المسابقة إلا أنها علمت أن نتائج المسابقة قد تم إعدادها مسبقا وقبل دخول التلميذات أدوار المنافسة وذلك من باب الترضية والمجاملة بين الإدارات المدرسية المختلفة ومع كل الحزن والألم والتساؤل الذي تساله شهد وهي تقول سألت معلمتي لماذا يفعلون ذلك ويضيعون حقي في الفوز ونحن الأجدر والأحق بالفوز تصرخ فيها معلمتها وتطلب منها أن تسكت ولا تتحدث في الأمر وهي ستبحث الموضوع .
مصطفى وشهد حالة واضحة وصارخة وصريحة لما يعاني منه المجتمع المصري في تعامله مع مفردات وأدوات قوته الناعمة والذكية وهو ما يترك انطباعات قاسية وغاضبة لدى هؤلاء الشباب تجاه المجتمع وتجاه القيم والعدالة وحتى الدين وهم يتعرضون لمثل هذه المواقف الخاطئة والظالمة والقاسية وهو ما يستدعي التوقف من المسئولين عند ضرورة إعادة هيكلة وتنظيم المجتمع المصري من الداخل وبكل منظوماته العلمية والدينية والمجتمعية والثقافية ولمصطفى وشهد أقول لهما احنا أسفين يا مصطفى. احنا أسفين يا شهد