مقالات الرأى

وفاء بكرى تكتب : في حب ” كوثر مصطفى”

من عادتى عند الاستماع إلى أي أغنية أن أعرف باقى أبطال ” مثلث الإبداع”، فطالما أعرف المطرب لابد أن اعرف المؤلف والملحن أيضا، وكانت إحدى صديقاتى الأعزاء، تتندر علىّ كلما استمعنا إلى أغنية وأعجبتها هي وباقى الأصدقاء، لأقول لهم اسم مؤلفها وملحنها، وكنت أقابل تندرها بجملة متكررة بيننا وهى :” لازم تعرفوا أبطال الإبداع”، فلو استمعنا إلى أغنية علينا بمعرفة المؤلف والملحن، وإذا شاهدنا فيلما علينا بمعرفة مؤلفه ومخرجه ومصوره ومونتيره وصاحب الموسيقى التصويرية بل ومنتجه، ولا مانع بالتأكيد من البحث عن صاحب أصغر دور في الفيلم ولكنه “مؤثر”، وإلا لماذا اختارت المهرجانات منح هؤلاء المبدعين للجوائز؟!

ولأننى لم أتخلص من هذه “العادة الإيجابية” بالنسبة لى، لومت نفسى كثيرا خلال الأيام الماضية عندما قرأت حوارا للشاعرة المبدعة كوثر مصطفى، تحدثت فيه عن كتابتها لأغنية أحببتها كثيرا في التسعينيات من القرن الماضي، للفنانة يسرا والفنان الراحل حسين الإمام، وهى أغنية “جت الحرارة”، فقد كانت من الأغانى اللطيفة لجيلنا، والغريب أننى لم ألتفت وقتها لمؤلفها، واعتبرتها من كلمات حسين الإمام، من ” كتر لطفاتها”، لأن الإمام له الكثير من الأغانى اللطيفة، ولم اتعجب أن هذه الأغنية من كلمات المبدعة كوثر مصطفى، فالإبداع في الكلمات لا يعنى بالضرورة ” العمق” الدائم، أو “فيما وراء المعنى”، هذه هي “كوثر” التي عرفها الجميع من صوت الكينج محمد منير، عرفناها بأغنية مواجهة الفكر المتطرف ” علّى صوتك بالغنا”، وقبلها بـ” ساح يا بداح” والتي كتبتها وكأنها تحكى حكاية كل منا على حدة بقولها :” بس الناس كانت ناس”، هي نفسها التي كتبت تتر مسلسل نافذة على العالم، وغناه الكينج أيضا، قبل أكثر من 15 عاما، لينطبق على ما نعيشه حاليا :” شد الهوا حيله.. ودخل حامى .. من كل خُن .. طل علينا حرامى”، وهى من كتبت أيقونة “النيل” التي لا تقل جمالا عن شعر الفصحى لمحمود حسن إسماعيل ورائعته :” مسافر زاده الخيال”، لتقول في أنشودتها العامية على لسان الكينج مجددا :” النيل سؤال ومازال ما جاش عليه الرد .. تفوت أيام ..تموت أحلام .. تعدى شهور.. تدور الأرض والدنيا وهو يدور .. ولسه بيجري ويعافر .. ولسه عيونه بتسافر.. ولسه قلبه لم يتعب من المشاوير”.
ولأن لكل شاعر دائما ما تجد كلمة تميزه في قصائده وأغانيه، لتعرف فور سماعها بأنه كاتبها، فكوثر مصطفى كلمتها المميزة هي ” البنات”، فتكاد لا تخلو أغنية لها من “البنات” وغنائهم وحكاويهم و” العادات” القاتلة لبعضهن، ما أتمناه حقا لشاعرة لمست قلوبنا واختارت ” العزلة” لتزيد إبداعاتها، هو اختيار التكريم الذى يليق بها، فهى حقا تعتبر من حاربت التطرف والعادات البالية بـ” الكلمة” التي لا تقل عن عظماء مصر والعرب على مدار تاريخهم.

زر الذهاب إلى الأعلى