مقالات الرأى

محمود سامح همام يكتب: الاقتصاد المحلي للولايات المتحدة على المحك

0:00

تمر الولايات المتحدة الأمريكية في الأونة الأخيرة بتوتر واضح في الأوضاع الداخلية والخارجية، فمن الجانب الخارجي يمكننا الإشارة على الحروب المتعددة التي تقودها بشكل مباشر او بأخر خارج حدودها، وعلى سبيل المثال إنشائها حلف حارس الازدهار لصد هجمات الحوثين على البحر الأحمر، ومن نتائج ذلك الحلف زيادة حدة التصعيد بمنطقة الشرق الأوسط بوجه عام والمصالح الأمريكية بشكل خاص من خسائر للاقتصاد والأهداف الاستراتيجية لواشنطن في المنطقة.
بالإضافة إلى مساندتها للكيان الصهيوني بكافة الآليات بميزانية ضخمة من الخزانة الرأسمالية تُقدر بأكثر من 100 مليار دولار فقط منذ بداية الحرب المباغتة في السابع من أكتوبر وفقا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ( USAID )، ناهيك عن ملتقي المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا لنصرتها في حربها مع روسيا، كما أنها تدعم دولياً حملة تايوان الشعبية ضد الصين الشيوعية في إطار عداوتها المستمرة مع المعسكر الشرقي وغيرها من الأخطار الخارجية لها تأثيرات بالغة على الاقتصاد الأمريكي ومستقبل علاقاتها الدولية.

استكمالاً، وبالحديث عن الأخطار الداخلية ذو التأثير على استقرار وأمن اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية ، فيجب علينا في البداية تسليط الضوء على ولاية تكساس الأمريكية والتي تُلقب بولاية ” النجمة الوحيدة ” للدلالة على وضعها السابق كجمهورية مستقلة، حاولت الولاية الانفصال عن واشطنن مرات عدة ولعل أحدثها في أواخر شهر يناير الماضي 2024، حيث تصاعد الخلاف بين ولاية تكساس والحكومة الفيدرالية بسبب المهاجرين وإدارة الحدود السيئة والفوضى التي تنشب بسبب الهجرات غير الشرعية بالإضافة إلى غضب حاكم ولاية تكساس من حكم بايدن وحديثه أنه لم ينتخب بطريقة شرعية، وهذا يعتبر أكبر تهديد للدولة العظمى الأمريكية في شؤونها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حيت تعد تكساس ثانية أكبر ولاية من الولايات الأمريكية، كما أنها تتمتع باقتصاد عملاق يعادل اقتصاد دول متقدمة مثل اسبانيا وروسيا وأستراليا بينما تحتل المرتبة التاسعة بين الأكبر في العالم، كما أنها تعتبر حجر الاساس لأمريكا في الطاقة فأنها تنتج وتكرر معظم النفط والغاز في البلاد، وحسب الإحصائيات فهي تمثل ثلث الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي إذا نجحت ولاية تكساس في تحقيق آمالها الانفصالية ستترتب عليها نتائج مجحفة سواء على المستوى المحلي او الإقليمي أو الدولي، ومما لا شك أنه سيبُعد واشنطن عن تصنيف الدول الأقوى اقتصادياً حول العالم.
في حقيقة الأمر هناك مؤشرات أخرى تؤكد لنا افترضية انكماش اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، فمطامع الكرملين سيكون لها دور في ذلك من حيث مخططاتها المتوقعة في سعيها لاستعادة ولاية ألاسكا الأمريكية، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قام بتوقيع مرسوماً لعملية التفتيش لحقوق ملكية الملكيات العقارية المملوكة للامبراطورية الروسية والاتحاد السوفيتي السابق، ويمكننا تفسير ذلك بفتح ملف الاسكا التي باعتها الإمبراطورية الروسية عام 1867 بمبلغ 7,2 مليون دولار إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكان السبب آنذاك البعد الجغرافي للولاية عن موسكو، وبالحديث عن ولاية ألاسكا التي تحتوى على أكبر مخزون من النفط في الولايات المتحدة، علاوة على ذلك غناها بالموارد الطبيعية وصولا إلى التعدين والذهب، مما يجعلها تمثل ركن من الأركان الأساسية لواشنطن.

ختاماً، يمكننا القول بأن الولايات المتحدة تتعرض لهزات قوية في أهم ولاياتها التي تعتمد عليها، وإذ لم تستطع السيطرة عليهم بالإجراءات الدستورية الفيدرالية اللازمة، فسوف تتحمل خسائر فادحة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في كافة المجالات.

زر الذهاب إلى الأعلى