مقالات الرأى

لواء د.سمير فرج يكتب | الخيار النووي في الحرب الروسية الأوكرانية

قبل أن يبدأ الرئيس بوتن بالهجوم على أوكرانيا يوم 24 فبراير الماضي، أصدر أوامره امامالعالم كله الي قائد القوة النووية الروسية برفع درجات الاستعداد، تلك كانت البدايةكإعلان استخدام القوة النووية في أي وقت، واعتقد ان ذلك الإعلان كان الهدف منه جزء منالحرب النفسية وعمليات الردع ضد الولايات المتحدة وقوات حلف الناتو، حيث كان تحذيراواضحا لإخافة شعوب هذه الدول. وعندما ننظر للقوة النووية في العالم الان، حيث أطلقعليه النادي النووي الذي يتكون من 9 دول مصنفة طبقا للمخزون النووي لكل دولة، حيثتأتي روسيا على قمة النادي النووي بامتلاكها 5977 رأس نووي، بعدها تأتي الولاياتالمتحدة بامتلاكها 5428 رأس نووي، ثم الصين بامتلاكها 350 رأس نووي، ثم فرنسابامتلاكها 290 رأس نووي، ثم بريطانيا بامتلاكها 225 رأس نووي، ثم باكستانبامتلاكها 165 رأس نووي ، ثم الهند بامتلاكها 160 رأس نووي، ثم اسرائيل بامتلاكها90 رأس نووي، ثم كوريا الشمالية بامتلاكها 20 رأس نووي، ونلاحظ ان هناك ثلاث دوللم يتسنى لها الانضمام لهذا النادي النووي و هم المانيا و إيطاليا و اليابان و هي دولتحالف المحور في الحرب العالمية الثانية، و اعتقد انه بعدما حدث في الحرب الروسيةالأوكرانية، فإن المانيا سوف تفكر جديا في امتلاك سلاح نووي و كذلك اليابان المحاصرةبثلاث دول نووية هي روسيا و الصين و كوريا الشمالية، و هناك بالطبع إيران التيتحاول بشتى الطرق امتلاك القنبلة النووية.

وعندما نعود لفكرة مدى إمكانية استخدام السلاح النووي في الحرب الروسية الأوكرانيةيجب ان نعود الى الاستراتيجية النووية لكل دولة، أي بمعنى مبسط متى تقرر الدولةاستخدام سلاحها النووي في أي حرب قادمة، ونبدأ بالولايات المتحدة التي حددتاستراتيجيات استخدام سلاحها النووي بعد ازمة الصواريخ الكوبية في الفترة من 26-28 أكتوبر 1962عندما نصب الاتحاد السوفيتي آنذاك صواريخه النووية في كوبا ايامالحكم الشيوعي في كوبا برئاسة كاسترو وساعتها كاد الرئيس الأمريكي جون كينيدي أنيزيل كوبا من الوجود بتدميرها بالصواريخ النووية الأمريكية، وانتهت الأزمة بعد أربعةعشر يوماً بسحب الاتحاد السوفيتي صواريخه من كوبا، لكن جاء الكونجرس الأمريكيليفرض قيود على استخدام السلاح النووي الأمريكي، بحيث لا يصبح في يد الرئيسالأمريكي وحده اتخاذ القرار وجاءت استراتيجية استخدام السلاح النووي الأمريكي أنهيتم عند مهاجمة الأراضي الأمريكية بضربة نووية محتملة من عدو نووي أو عند تهديدالأمن القومي الأمريكي بقوات معادية داخل أراضيه.

أما روسيا، فلقد حددت استراتيجية استخدام السلاح النووي في حالة صد ضربة نوويةمعادية ضد الأراضي الروسية أو اختراق الاراضي الروسية، وتهديد أمنها القومي. وعموماً، فأنه تم الاتفاق بين الدولتين، الأمريكية والروسية، على وجود خط ساخن يعمللمدة 24 ساعة لتجنب أي أخطاء بشرية من كلا الجانبين، قد تؤدي إلى اشتعال حدث نوويغير مقصود، يؤدي إلى استخدام قوى نووية، لدرجة أنه تم الاتفاق في حالة إجراء أيتجارب نووية أو صاروخية، يتم إبلاغ كل طرف قبل التنفيذ، حتى لا يتم أي حساباتخاطئة. وعلى أي حال، فأنه ليس من المنتظر في أي وقت حدوث حرب نووية، لأن كل طرفمن الأطراف لديه مخزون نووي يدمر العالم كله، لذلك لجأ الجميع إلى فكرة استخدامالقنبلة النووية التكتيكية، وفيها يتم تدمير العدو المخترق العدو المخترق لحدود الدولة، أوضد أهداف حيوية للدولة التي اخترقت قواتها حدود هذه الدولة.

وأيضاً نؤكد أن تلك الضربات النووية التكتيكية سوف تكون محدودة جداً، وسوف يكوناستخدامها في أضيق الحدود، لأنها قد تؤدي إلى تطور في الصراع بين هذه الدولالنووية. وهذه الأيام، قامت روسيا بالادعاء أن أوكرانيا ستقوم باستخدام القنبلة القذرة،ولقد تساءل الجميع ما هي القنبلة القذرة.

وهل تصنّف ضمن خانة الأسلحة النووية أو ضمن قائمة أسلحة الدمار الشامل؟، ولماذا هذاالتخوّف الروسي من امتلاك أوكرانيا لمثل تلك القنبلة؟

تعدّالقنبلة القذرةسلاحاً تقليدياً وهو عبارى عن مزيج من المواد المتفجرة المزوّدة بموادمشعّة تنتشر في الهواء بعد التفجير، ما يجعل منها خطراً على المدنيين، لكن لا ينتج عنتفجيرها انشطار نووي أو اندماج ولا يتسبّب بدمار هائل على نطاق واسع.

فـالقنبلة القذرةلا تمتلك التأثير المدمر للانفجار النووي الذي نجم عن القنبلة النوويةالتي ألقيت في ناكازاكي وتلك التي ألقيت في هيروشيما باليابان قبيل نهاية الحربالعالمية الثانية 1945، حين أسفر تفجير القنبلتين عن سقوط مئات آلاف الضحايا، إضافةإلى تدمير مساحات شاسعة من الأراضي جراء التلوث الإشعاعي.

وبالتالي لا يمكن مقارنةالقنبلة القذرةبالقنبلة النووية التي تحدث انفجاراً أقوىبملايين المرات، وتنشر سحابة إشعاع على مدى آلاف الكيلومترات المربعة، في حينالإشعاعات الناجمة عنالقنبلة القذرةيمكن لها أن تنتشر فقط ضمن مساحة لا تتعدىبضع كيلومترات مربعة.

والخطر الأكبر لـالقنبلة القذرةمصدره الانفجار وليس الإشعاع، إذ إن الأشخاصالقريبون جداً من موقع الانفجار هم من يتعرض لإشعاع يكفي للتسبّب بمرض خطير،حسب اللجنة التنظيمية النووية الأميركية التي تضيف قائلة: يمكن أن ينتقل الغباروالدخان المشع إلى مسافة أبعد بحيث يشكّلان خطراً على الصحة في حال تنشق الغباروتناول أطعمة أو مياه ملوّثة

ويضيف المجلس الأمريكي المذكور أن مستوى التلوث الذي تحدثهالقنبلة القذرةيعتمدعلى حجم المتفجرات، وكمية ونوع المادة المشعة المستخدمة، ووسائل الانتشار، والظروفالجوية، ويلفت إلى أن الذين هم الأقرب إلى مكان حدوث التفجير هم الأكثر عرضةللإصابة، وهكذا هذه قصة القنبلة القذرة بكل ابعادها ونتائجها.

وهكذا فإن التلويح دائما باستخدام القوى النووية هو امر يأتي في إطار الحرب النفسيةوعمليات الردع المعنوي للطرف الاخر، حتى ان الولايات المتحدة أعلنت هذا الأسبوع انروسيا ليس لديها أي نية لاستخدام السلاح النووي في الفترة القادمة، ولعل ذلك كلهيطمئن الجميع ان الاستخدام النووي في الفترة القادمة امر من المستبعد حدوثه من كلاالطرفين الأمريكي والروسي وان كل هذه التهديدات والتلويح باستخدام القوة النوويةيأتي في إطار الحرب النفسية.

————

نقلاً عن صحيفة المصرى اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى