مقالات الرأى

عبدالمعطي‭ ‬أحمد‭ ‬يكتب‭:‬ كلمتين‭ ‬وبس

0:00

غالبا‭ ‬ما‭ ‬تنطلق‭ ‬صرخات‭ ‬المولود‭ ‬وكأنها‭ ‬وثيقة‭ ‬تعارف‭ ‬مع‭ ‬الحياة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طفلا‭ ‬واحدا‭ ‬أظن‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬‮«‬مقهقها‮«‬،‭ ‬وكأنه‭ ‬ولد‭ ‬لينشر‭ ‬البهجة،‭ ‬وفي‭ ‬حي‭ ‬العباسية‭ ‬العريق‭ ‬جاء‭ ‬يوم‭ ‬6‭ ‬سبتمبر‭ ‬1924‭ ‬أخطر‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬العالم
إنه‭ ‬مهندس‭ ‬البهجة‭ ‬الذي‭ ‬امتلك‭ ‬براءة‭ ‬اختراع‭ ‬الكوميديا‭ ‬الراقية‭ ‬فؤاد‭ ‬زكي‭ ‬المهندس،‭ ‬وحين‭ ‬التقي‭ ‬للمرة‭ ‬الأولي‭ ‬‮«‬شويكار‮»‬‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬السكرتير‭ ‬الفني‭ ‬اجتاحت‭ ‬أعاصير‭ ‬الحب‭ ‬حجرات‭ ‬قلبه‭ ‬إلي‭ ‬أن‭ ‬طلب‭ ‬منها‭ ‬الزواج‭ ‬أثناء‭ ‬عرض‭ ‬مسرحية‭ ‬‮»‬أنا‭ ‬وهو‭ ‬وهي‮«‬‭ ‬وخرج‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬قائلا‭: ‬تتجوزيني‭ ‬يابسكويتة؟‭ ‬،‭ ‬ولأن‭ ‬هذا‭ ‬الثنائي‭ ‬له‭ ‬مذاق‭ ‬خاص‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬زواجهما‭ ‬بطريقة‭ ‬خاصة‭ ‬أيضا‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬تصوير‭ ‬فيلم‭ ‬‮»‬هارب‭ ‬من‭ ‬الزواج‮«‬‭ ‬كان‭ ‬المشهد‭ ‬الأخير،‭ ‬وهما‭ ‬يرتديان‭ ‬ملابس‭ ‬الزفاف‭ ‬فذهبا‭ ‬إلي‭ ‬المأذون‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭ ‬برفقة‭ ‬المخرج‭ ‬حسن‭ ‬الصيفي‭ ‬لإتمام‭ ‬الزواج‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬طيلة‭ ‬20‭ ‬عاما‭ ‬ثم‭ ‬الطلاق‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬صادما‭ ‬للجمهور‭ ‬وللوسط‭ ‬الفني،‭ ‬لأنهما‭ ‬قدما‭ ‬معا‭ ‬أمتع‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬سواء‭ ‬السينمائية‭ ‬أو‭ ‬المسرحية‭ ‬أو‭ ‬مسلسلات‭ ‬إذاعية،‭ ‬فقد‭ ‬حبهما‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬بحالة‭ ‬من‭ ‬‮»‬الهارموني‮«‬‭ ‬وكأنهما‭ ‬نصفان‭ ‬لثمرة‭ ‬تفاحة‭ ‬واحدة‭ ‬شهية‭ ‬وبالفعل‭ ‬ظلا‭ ‬أصدقاء‭ ‬واشتركا‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬ليثبتا‭ ‬أن‭ ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬يموت‭ ‬مهما‭ ‬تباعدت‭ ‬الأجساد‭ ‬وأن‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬النجوم‭ ‬نموذج‭ ‬وقدوة‭ ‬لرقي‭ ‬سواء‭ ‬علي‭ ‬المستوي‭ ‬الفني‭ ‬أو‭ ‬الإنساني‭ ‬فقد‭ ‬علقت‭ ‬شويكار‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬للإعلامية‭ ‬صفاء‭ ‬أبو‭ ‬السعود‭ ‬في‭ ‬جملة‭ ‬مختصرة‭: ‬كان‭ ‬فرشي‭ ‬وغطايا‭ ‬وسعدي‭ ‬وهنايا،‭ ‬بينما‭ ‬علق‭ ‬هو‭ ‬عليها‭ ‬مع‭ ‬الإعلامية‭ ‬هالة‭ ‬سرحان‭: ‬شويكار‭ ‬ست‭ ‬الستات‭ ‬علي‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭.‬
وكانت‭ ‬رحلته‭ ‬الحياتية‭ ‬مليئة‭ ‬يالعطاء‭ ‬وكأنه‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬دور‭ ‬المهندس‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬حياته‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬يشبه‭ ‬فيه‭ ‬أحد،‭ ‬فنحن‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬تربي‭ ‬علي‭ ‬فوازير‭ ‬‮»‬عمو‭ ‬فؤاد‮«‬‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬ننتظرها‭ ‬بشغف‭ ‬مفرط‭ ‬كل‭ ‬رمضان،‭ ‬وكانت‭ ‬تمدنا‭ ‬بزخم‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬درامي‭ ‬بسيط‭ ‬ومركز‭.‬
ومن‭ ‬ينسي‭ ‬برنامجه‭ ‬الإذاعي‭ ‬‮»‬كلمتين‭ ‬وبس‮«‬،‭ ‬إنه‭ ‬حالة‭ ‬متقدة‭ ‬بالإبداع،‭ ‬علي‭ ‬مستوي‭ ‬الصوت‭ ‬الذي‭ ‬تستطيع‭ ‬إلتقاطه‭ ‬من‭ ‬علي‭ ‬بعد‭ ‬وعلي‭ ‬مستوي‭ ‬لغة‭ ‬الجسد‭ ‬حركاته‭ ‬كانت‭ ‬رشيقة‭ ‬غير‭ ‬مبتذلة‭ ‬وعلي‭ ‬مستوي‭ ‬المحتوي‭ ‬القيمي‭ ‬كأنه‭ ‬يقدم‭ ‬الدواء‭ ‬في‭ ‬كبسولة‭ ‬محلاه،‭ ‬وهنا‭ ‬تصيبنا‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الحسرة‭ ‬لما‭ ‬آل‭ ‬إليه‭ ‬الفن‭ ‬والفنانون،‭ ‬من‭ ‬ابتذال‭ ‬وفجاجة‭ ‬مدقعة‭ ‬وتحول‭ ‬الطلاق‭ ‬إلي‭ ‬قنبلة‭ ‬فضائح‭ ‬وفرق‭ ‬متناحرة،‭ ‬أما‭ ‬القيم‭ ‬فقد‭ ‬توارت‭ ‬في‭ ‬خجل‭ ‬شديد‭ ‬خلف‭ ‬ضبابية‭ ‬المشهد،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬نجوم‭ ‬زمن‭ ‬الفن‭ ‬الأصيل‭ ‬علي‭ ‬يقين‭ ‬بأن‭ ‬لديهم‭ ‬رسالة‭ ‬عليهم‭ ‬إيصالها‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرفدون‭ ‬اللهاث‭ ‬خلف‭ ‬الآجور‭ ‬والتريندات‭ ‬والألقاب‭ ‬وخلافه،
ورحل‭ ‬صانع‭ ‬البهجة‭ ‬في‭ ‬منزله‭ ‬بالزمالك‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬سبتمبر‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬82‭ ‬عاما‭ ‬كانت‭ ‬مفعمة‭ ‬بالعطاء‭ ‬المتفرد،‭ ‬إثر‭ ‬أزمة‭ ‬قلبية‭ ‬نتيجة‭ ‬نوبة‭ ‬فزع‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سقف‭ ‬غرفة‭ ‬نوم‭ ‬عقب‭ ‬نشوب‭ ‬حريق،‭ ‬ولازال‭ ‬‮»‬الراجل‭ ‬ده‭ ‬حيجنني‮«‬‭. ‬
‭> ‬تحل‭ ‬ذكري‭ ‬ميلاد‭ ‬البني‭ ‬صلي‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬تعاني‭ ‬الفرقة‭ ‬والتشرذم‭ ‬والتراجع‭ ‬الحضاري‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعقيدات‭ ‬الواقع‭ ‬المعيش‭ ‬والحرب‭ ‬الضروس‭ ‬علي‭ ‬الإسلام‭ ‬باتهامه‭ ‬بالإرهاب‭ ‬والعنف‭ ‬تارة‭ ‬والعنصرية‭ ‬تارة‭ ‬ثانية‭ ‬والرجعية‭ ‬والتخلف‭ ‬تارة‭ ‬ثالثة‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يحتم‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نستنهض‭ ‬العقول‭ ‬ونفتح‭ ‬الآفاق‭ ‬لرؤية‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬ومشكلاته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سنن‭ ‬وسيرة‭ ‬النبي‭ ‬صلي‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬خاصة‭ ‬ونحن‭ ‬نحتفل‭ ‬بذكري‭ ‬مولده‭ ‬الشريف‭.‬
والاحتفال‭ ‬بالذكري‭ ‬هوي‭ ‬العمل‭ ‬بالسنة‭ ‬المطهرة،‭ ‬والإسلام‭ ‬له‭ ‬رؤية‭ ‬حضارية‭ ‬منهجها‭ ‬العلم،‭ ‬وغايتها‭ ‬التقدم،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬علينا‭ ‬مواجهة‭ ‬الجمود‭ ‬والتخلف،‭ ‬وأن‭ ‬نتحرك‭ ‬لرفع‭ ‬قيمة‭ ‬العلم‭ ‬وتوقير‭ ‬العملاء،‭ ‬فهو،‭ ‬وهم‭ ‬سلاحنا‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المعاصرة‭ ‬واللحاق‭ ‬بمن‭ ‬سبقونا‭ ‬إلي‭ ‬التقدم‭.‬
‭> ‬جيمس‭ ‬هنري‭ ‬برستيد‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ (‬فجر‭ ‬الضمير‭) ‬قال‭: ‬كان‭ ‬يومًا‭ ‬أسود‭ ‬حينما‭ ‬اكتشفت‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الأخلاقي‭ ‬عند‭ ‬المصريين‭ ‬القدماء‭ ‬أرقي‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الاخلاقي‭ ‬الذي‭ ‬نزل‭ ‬في‭ ‬التواره‭!‬
‭< ‬كن‭ ‬شاكرًا‭ ‬عادلًا‭ ‬كريمًا‭ ‬مادمت‭ ‬حيا‭ ‬وأعلم‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬أيام‭ ‬تدور‭.‬ ‭< ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يعادل‭ ‬النية‭ ‬الطيبة‭. ‬إفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭ ‬واتركهم‭ ‬يفهمونك‭ ‬كيفما‭ ‬يشاؤون‭!‬ ‭< ‬يقول‭ ‬الإمام‭ ‬البوصيري‭: ‬لا‭ ‬تحاسب‭ ‬أحدًا‭ ‬أخطأ‭ ‬في‭ ‬حقك،‭ ‬اترك‭ ‬الزمن‭ ‬فهو‭ ‬كفيل‭ ‬بالرد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭.‬ ‭< ‬للكون‭ ‬رب‭ ‬يعلم‭ ‬كيف‭ ‬يديره‭. ‬يعرف‭ ‬متي‭ ‬يمنح،‭ ‬ومتي‭ ‬يمنع،‭ ‬فاطمئن‭.‬ ‭< ‬حرر‭ ‬نفسك‭ ‬من‭ ‬ظلام‭ ‬حزنك‭ ‬ثق‭ ‬بالله‭ ‬ثم‭ ‬ابتسم‭.‬ ‭< ‬الحب‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬نظرة‭ ‬فابتسامة‭ ‬فغرام‭ ‬فكلام،‭ ‬ولكنه‭ ‬عشرة‭ ‬ولقمة‭ ‬هنية‭ ‬ومودة‭ ‬ورحمة‭ ‬وحلم‭ ‬وهم‭ ‬يقتسمه‭ ‬إثنان‭!‬

زر الذهاب إلى الأعلى