قرأت لك

قراءة فى كتاب “مستقبل الثقافة فى مصر العربية”

بقلم: د.حامد عبد الرحيم عيد

قراءة متأنية فى كتابمستقبل الثقافة فى مصر العربيةللدكتور سليمان حزين

فى مقال لى بالمصرى اليوم فى أغسطس 2022 بعنوانمستقبل الثقافة فى مصر بينطه حسين وسليمان حُزين..!” أشرت فيه الى كتاب د.سليمان حزينمستقبل الثقافة فىمصر العربية، الذى صدر عام 1994، والذى يبدو أنه لم يتم الالتفات اليه، واختلط عنوانهمع عنوان كتاب د. طه حسينمستقبل الثقافة فى مصر، وطالبت فى نهاية المقال أن يتمقراءة الكتاب من جديد قراءة متأنية لفهمه وأستيعاب ما جاء فيه. واليوم أقدم قراءة متأنيةلاهم ما جاء فى كتاب د. سليمان حزين لعلها تزيح الستار وتجلى فكر الرجل عن مستقبلمصر ليس الثقافى فحسب ولكن التعليمى أيضا.

يتضمن الكتاب ثلاثة عشر فصلا يبدأ الاول بعنوانهذا الكتاب وجذور الثقافة فى مصرالعربية، ثم ثانيهاثقافة مصر فى مسيرتها مع الحضارة والتاريخ، والثالثثقافةمصر العربية والمؤثرات الداخلية فيها، والرابعالمتغيرات المعاصرة فى الغرب والشرقوفى العالم العربى وصداها المرتقب فى الفكر والثقافة، والخامستتابع أجيال الثورةفى مصر العربية المعاصرة (بحث مقارن فى دراسة الشخصية الثقافية وتاريخ الحضارتينالقديمة والحديثة فى بلدين عريقين هما مصر والصين)، والسادسمشروع ميثاق العملالثقافى فى مصر، والسابعفلسفة المعرفة والتعليم عبر العصور، والثامنالتربيةالسياسية:تنمية الشعور الوطنى بالانتماء والمسئولية، والتاسعدور التعليم فى تنميةالفكر القومى فى مصر المستقبل، والعاشرمشروع بإصلاح جذرى للتعليم فى مصرالعربية، والحادى عشرنحو استراتيجية مستقبيلية للتعليم فى مصر العربية،والثانى عشرشجرة الجامعة فى مصر :رؤية تاريخية تحليلية، وأخيرا الثالث عشرمنسيرة مصرى من أهل الفكر والثقافة العربية“.

يبدأ الكتاب بقول د. حزين بأن دراسة الثقافة والعمل الثقافى هى دراسة معقدة، لجمعهابين العلم والثقاقة..! فالعلم له مفهوم خاص حيث يبحث بالعقل والتجربة الحسية عنأصول الاشياء وتلمس مقومات قيامها، أما الثقافة فأفضل تعريف لها أن لها وطن فهى لاتُفهم بعيدا عن اصحابها أو عن حياتهم أوفنونهم أونظمهم الاجتماعية أو عن دياناتهمومعتقداتهم، هكذا يمكن القول أن مفهوم الثقافة هو أشد تعقيدا من مفهوم العلم.

وقارن بين ما تم تداوله فى كتاب د.طه حسينمستقبل الثقافة فى مصروأن ما رسمه فىمجال التعليم والثقافة هو صورة صادقة وصالحة للعصر الذى وضعت فيه، وأنه شخصياوبعض تلاميذه وجدوا فيها صورة مبسطة اكثر من اللازم فثقافة مصر لا يمكن أن تكوننتاج اختلاط الاصول الحضارية العربية بما أتى عليها من بحر الاغريق ولا تلك التىجمعت بين الاصول الحضارية الشرقية وما اضافته العناصر الغربية من اوربا الحديثة. بلأنها فى تصورى لها جذور ضاربة فى أعماق التاريخ، وترجع الى أوائل عصر الاستقرارالحضارى الاولالعصر الحجرىحيث تعلم الانسان زراعة القمح والشعير وبعضاشجار الفاكهة، واستأنس الحيوان بدلا من صيده، فتراكمت الخبرات والمعلوماتوالتجارب الانسانية، وأستقر الانسان بعدها وتبادل السلع والتجارة والافكار. فكان أناختلطت الحكمة والثقافة المصرية القديمة بالثقافات السامية التى جاءت من بلاد العربوبالثقافة الاغريقية وتبلورت وأنصهرت فى أرض الكنانة بوادى النيل. وبعدها تطورتالكتابة بتأثير أنتقال الفكر المصرى القديم الى أرض فينيقيا والى غرب أسيا، ثم انتقلتالى أرض قرطاج بتونس حيث تبلور وأختلط فكر مصر وفكر البحر المتوسط حيث عادتمرة أخرى من تونس مع الفاطميين وقيام الازهر الشريف. كما أن هناك حدث اختلاط فكرىجديد عندما جاء الاسكندر الاكبر من مقدونيا الى المشرق القديم ثم الى مصر وأنشأ مدينةالاسكندرية فى القرن الرابع قبل الميلاد ومهد ذلك أن تحمل مصر والمشرق العربى القديملواء الفكر والثقافة والحضارة. وخلص الى أن تصوره هو الصورة العربية المصريةالمتجددة لاتصال الفكر والثقافة منذ أقدم العصور، فثقافة مصر العربية تتمثل فى ثلاثةجذور هى البيئة المصرية الافريقية والنيلية، والبيئة العربية التى خرجت منها الاصولالسامية ثم الاسلامية، وأخيرا بيئة البحر المتوسط واليونان حيث أضافت الى ملامحالحضارة والثقافة المصرية لكنها لم تطمس معالمها الاصيلة. وذلك التصور لا يتسق معتصور د.طه حسين فى كتابهمستقبل الثقافة فى مصر“.

****

د.حامد عبد الرحيم عيد

استاذ بعلوم القاهرة

[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى