
نظمت جائزة الملك فيصل، بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء بالمملكة المغربية، مساء أمس، في مقر الرابطة بالعاصمة المغربية الرباط، محاضرة علمية بعنوان “أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس”.
وتناول الباحث السعودي سامي بن عبد الله المغلوث، الفائز بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام لعام 2025، المسارات التاريخية والجغرافية لانتشار المذهب المالكي، من خلال توظيف منهج علم الأطالس في عرض المعرفة الفقهية.
شهد المحاضرة الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام لجائزة الملك فيصل الدكتور عبدالعزيز السبيل، والمدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” الدكتور سالم المالك، إلى جانب حشد من العلماء والباحثين والمختصين من مختلف المؤسسات العلمية في المغرب.
وجاءت هذه المحاضرة، في إطار سلسلة الأنشطة العلمية الهادفة إلى إبراز الأبعاد المعرفية والتاريخية للمذهب المالكي، حيث اعتمد المحاضر على عروض بصرية مدعّمة بالخرائط والرسوم البيانية، تناول فيها مدخل التشريع الإسلامي، ومختصراً للسيرة النبوية ضمن مصفوفة زمنية تفاعلية، إضافة إلى مراحل انتشار الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين.
واستعرض المغلوث، وهو متخصص في إعداد الأطالس التاريخية والإسلامية، تطور التشريع الإسلامي عبر محطات تاريخية متعاقبة، بدءاً من العهد النبوي (1–11 هـ)، مروراً بعصر الصحابة والتابعين، ثم مرحلة نشوء المدارس الفقهية وظهور الأئمة المجتهدين وتدوين الفقه، والتي شهدت تبلور المذاهب الفقهية الكبرى: الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، مؤكداً أهمية الجاذبية البصرية في تبسيط المعلومة الفقهية وتقريبها للمتلقي.
كما قدم خريطة زمنية توضح بدايات تدوين الحديث النبوي ومراحل التصنيف فيه، مبرزاً المكانة العلمية للإمام مالك بن أنس، بوصفه أحد أبرز الأعلام الذين أسهموا في خدمة السنة النبوية وتأسيس المنهج الفقهي.
وتوقف المحاضر عند المدارس المالكية، من بينها المدرسة المصرية التي تعد أول مدرسة مالكية بعد مدرسة المدينة المنورة، ومدرسة الأندلس التي كانت من أوائل المدارس المالكية خارج المدينة، إضافة إلى مدرسة فاس والمغرب الأقصى، التي أصبحت لاحقاً المرجع الأساس للمذهب المالكي في المغرب العربي والأندلس.
من جهته، أكد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الدكتور أحمد عبادي، أن المحاضرة تندرج ضمن مسار علمي تروم من خلاله الرابطة التعريف بالمذهب المالكي وتعميق فهم أصوله، باعتباره المذهب المعتمد في المغرب منذ نشأته. وأشاد بخصوصية تجربة المغلوث، وبإسهامه المتميز في التقريب الأطلسي والخرائطي للمعرفة الفقهية والتاريخية.
وأشار عبادي إلى أن الرابطة المحمدية للعلماء تتطلع في المستقبل القريب إلى تنظيم متحف خاص بالفقه المالكي وأعلامه بمدينة فاس، باعتبارها إحدى الحواضن التاريخية والعلمية لهذا المذهب.
يُذكر أن سامي بن عبد الله المغلوث نال جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام تقديراً لجهوده البارزة في توثيق التاريخ الإسلامي وصون الذاكرة الحضارية زماناً ومكاناً، من خلال إنجازه عدداً كبيراً من الأطالس التاريخية والجغرافية الإسلامية، التي تُرجم بعضها إلى لغات عدة في العالم الإسلامي.










