عيادة مصر الآنمنوعات وسوشيال

البكتيريا تقاوم والعلم يطارد.. سباق لا ينتهي مع المضادات الحيوية

0:00

فى عام ١٩٢٨ تم اكتشاف أول مضاد حيوى على مستوى العالم بواسطة العالم الأسكتلندى الكسندر فيلمنج عندما رصد فطر البنسيليام قد تمكن من القضاء على بعض المستعمرات الباكتيرية التى تجاوره وعطلها عن الانتشار من خلال إفراز بعض المواد الكميائية التى اعتبرت فيما بعد المضاد الحيوى الأشهر «البنسلين».

حققت المضادات الحيوية انتصارا مذهلا على الباكتيريا المرضية ويحسب بلا شك لها الفضل فى خفض نسب الوفيات نظرا لقضائها على الإصابات الباكتيرية فى مقابل عدم قدرة الطب والعلم حتى الآن فى مواجهة نسب الوفيات الناشئة عن الأمراض المزمنة مثل مرض السكر ومضاعفاته وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب التى ما زالت تسجل نسب وفيات عالية.

يظهر دور المضادات الحيوية فى إنقاذ أرواح العديد من البشر خاصة الأطفال حديثى الولادة وزارعى الأعضاء مثل الكلى ومرضى الأورام السرطانية الذين يتلقون العلاج الكيماوى الذى يخفض مناعة الجسم أيضا أولئك الذين يعالجون بأنواع الجراحات المختلفة ويكونون عرضة بالإصابة بالعدوى البكتيرية فى صورها المتعددة المختلفة.

ذكر الكسندر فيلمنج عام ١٩٤٥ أنه ليس من الصعب أن تقاوم الباكتيريا المضاد الحيوى (البنسلين) إذا تعرضت لتركيزات منه غير كافية لقتلها وبالتالى تصبح هناك فرصة للباكتيريا لإحداث تغيرات جينية وراثية لديها وظهور جيل من الباكتيريا مقاوم للمضادات الحيوية وذكر أن تلك المقاومة التى حدثت فى المختبرات يمكن أيضا أن تحدث داخل جسم الإنسان فى البدايات ١٩٣٠ كانت المضادات الحيوية تحتفظ بتفوقها على الباكتيريا لسنوات طويلة تصل إلى ٢٠ أو ٣٠ سنة لكنها بدأت تظهر تراجعا منذ الستينيات فأصبح مفعولها لا يمتد لأكثر من خمس أو ست سنوات الأمر الذى انتبهت له كل المؤسسات المعنية بأمر الصحة. فكان أن دعت منظمة الصحة العالمية عام ٢٠١٣ ومركز القيادة والتحكم العالمى للأمراض (CDC) إلى مراقبة ما يحدث وضرورة مراجعة السياسات الصحية المتعلقة بالمضادات الحيوية نظرا لخطورة ما يحدث.

استجاب العالم بالطبع فكان أن أصدرت منظمة الصحة العالمية توجيها عالميا لتعزيز التعاون فى مجال المراقبة العالمية واحتواء تلك المشكلة التى بدت عالمية عن طريق التعاون الدولى والاهتمام بالمراقبة الدوائية للمضادات الحيوية وفى عام ٢٠١٥ طلبت منظمة الصحة العالمية تشكيل لجان عالمية دولية بمشاركة عدد كبير من الدول أعضاء مجلس الأمم المتحدة.

فى عام ٢٠١٦ وقعت ١٩٣ دولة على إعلان الأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات بشأن مقاومة مضادات الباكتيريا مؤكدة التزامها بسبل وأسس احتوائها ومراقبة وتقنين وترشيد الاستخدام وأن يكون دواعيه الطبية المعتمدة.

ما هى الأسباب التى تحفز مقاومة الباكتيريا للمضادات الحيوية؟

– الاستخدام السيئ للمضاد الحيوى والإفراط فى تناوله كأن يتناول الإنسان مضادا حيويا لا يتطابق مع المزرعة الخاصة بالباكتيريا المسببة للمرض. أو أن يستخدم المضاد الحيوى وفقا لاختيار المريض بلا إشراف طبى أو متابعة إنما كعادة أو بناء على نصيحة صديق.

– تناول المضادات الحيوية دون داع مثل قبل إجراء العمليات الجراحية.

– استخدام المضادات الحيوية لعلاج الفيروسات.

– انتشار المضادات الحيوية وتناولها بكثرة فى بعض أقسام المستشفيات نظرا لانتشار الباكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية دون متابعة أو إشراف.

– السلوك الخاطئ لبعض المرضى كإيقاف تناول المضاد الحيوى قبل المدة التى يحددها الطبيب.

‫———

تظل الباكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية ظاهرة بالفعل مخيفة تستحق أن تظل ملفاتها مفتوحة للمناقشة ومتابعة المعلومات التى تستجد دائما عنها. تستحق التوعية بها دائما والتذكير بخطورتها حتى يعود التفوق للأسلوب العلمى فى مقاومة والقضاء على الباكتيريا المرضية فى حربها المعلنة على الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى